القراءة، والذكر، والدعاء باللفظ المنصوص، ثم باللفظ العربي في معنى المنصوص، ثم باللفظ العجمي. فهذا كرهه أحمد في الصلاة. وفي البطلان به خلاف، وهو من باب البدل. وأهل الرأي يجوزون ـ مع تشددهم في المنع من الكلام في الصلاة. حتى كرهوا الدعاء الذي ليس في القرآن، أو ليس في الخبر، وأبطلوا به الصلاة ـ يجوزون الترجمة بالعجمية، فلم يجعل بالعربية عبادة، وجوزوا التكبير بكل لفظ يدل على التعظيم.
فهم توسعوا في إبدال القرآن بالعجمية، وفي إبدال الذكر بغيره من الأذكار، ولم يتوسعوا مثله في الدعاء. وأحمد وغيره من الأئمة/ بالعكس: الدعاء عندهم أوسع، وهذا هو الصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه) ولم يوقت في دعاء الجنازة شيئًا، ولم يوقت لأصحابه دعاء معينًا، كما وقت لهم الذكر، فكيف يقيد ما أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم من الدعاء، ويطلق ما قيده من الذكر، مع أن الذكر أفضل من الدعاء، كما قررناه في غير هذا الموضع؟
ولهذا توجب الأذكار العلمية ما لم يجب من الثنائية.
ولهذا كان أفضل الكلام بعد القرآن، الكلمات الباقيات الصالحات: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات لمن عجز عن القرآن، وقال: (هن أفضل الكلام بعد القرآن) ولهذا كان أفضل الاستفتاحات في الصلاة، ما تضمنت ذلك، وهو قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) لِمَا قد بيناه في غير هذا الموضع.
وذكرنا أن هذا ثناء، فهو أفضل من الدعاء، وهو ثناء بمعني أفضل الكلام بعد القرآن، وذلك مقتضي للإجابة، يبين ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: / (من تعار من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. الحمد لله وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ودعا استجيب له، وإن توضأ قبلت صلاته) فقد أخبر أن هذه الكلمات الخمس، إذا افتتح بها المستيقظ من الليل كلامه، كان ذلك سببًا لإجابة دعائه، ولقبول صلاته، إذا توضأ بعد ذلك. فيكون افتتاح الصلاة بذلك سببًا لقبولها، وما فيها من الدعاء، أو حمد الله والثناء عليه قبل دعائه. ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديث المسيء فقال: (كبر فاحمد الله، واثن عليه، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن).
وأيضًا، ففي أحاديث أخر من أحاديث الافتتاح أنه كان يقول: (الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا) وهذا معناها.
وأيضًا، فإنها مستحبة بين تكبيرات العيد الزوائد، كما نقل ذلك عن ابن مسعود، وتلك التكبيرات هي من جنس تكبيرات الافتتاح.
وأيضًا، ففي الحديث الآخر من أحاديث الاستفتاح، أنه كان يكبر عشرًا، ويحمد عشرًا، ويسبح عشرًا، أو كما قال. فتوافق معاني الأحاديث الكثيرة على معنى هذا الافتتاح، كتوافق معنى تشهد أبي /موسى وغيره على معني تشهد ابن مسعود. وإذا كان الذكر الواحد قد جاءت عامة الأذكار بمعناه، كان أرجح مما لم يجئ فيه إلا حديث واحد؛ لأنه يدل على كثرة قصد النبي صلى الله عليه وسلم لتلك المعاني، وما كثر قصده واختياره له كان مقدمًا على ما لم يكثر.
ويؤيد ذلك أن هذه الكلمات مشروعة في دبر الصلوات المكتوبات ـ أيضًا. كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، فتكون هي من الفواتح والخواتم التي أوتيها نبينا صلى الله عليه وسلم. فإنه أوتي فواتح الكلم، وجوامعه، وخواتمه صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 03 - 05, 03:35 م]ـ
في مناقب الشافعي لابن أبي حاتم مناظرة حسنة بين الشافعي والحسن بن زياد (فيما أذكر)
ـ[محب الالباني]ــــــــ[21 - 03 - 05, 04:38 م]ـ
المشائخ الكرام جزاكم الله خيرا وبارك في علمكم
ـ[محب الالباني]ــــــــ[21 - 03 - 05, 04:39 م]ـ
المشائخ الكرام أشكر لكم حسن تجاوبكم
جزاكم الله خيرا وبارك في علمكم