تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَبَّاسٍ خَبَرَهُ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ , لِأَنَّ خَبَرَهُ عِنْدَهُ لَوْ كَانَ مَقْبُولًا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ - لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللَّحْمُ مُبَيَّنًا مِنْ جُمْلَةِ مَا مَسَّتْ النَّارُ: فِي أَنْ لَا وُضُوءَ فِيهِ , وَيَكُونُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَهُ فِيمَا عَدَا اللَّحْمَ , فَلِمَا رَدَّ جُمْلَةَ الْحَدِيثِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقِيَاسِ مَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ مِنْ نَفْيِ الْوُضُوءِ مِنْ اللَّحْمِ وَمِنْ الْحَمِيمِ , ثَبَتَ: أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَدُّ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْقِيَاسِ. " وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَمْشِي فِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ وَتَقُولُ: لَأُحَدِّثَن أَبَا هُرَيْرَةَ ". وَقَالَتْ لِابْنِ أَخِيهَا: " لَا تَعْجَبْ مِنْ هَذَا وَكَثْرَةِ حَدِيثِهِ. إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ أَحْصَاهُ ". وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَجَمَاعَةٌ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ - كَثْرَةَ رِوَايَتِهِ , وَلَمْ يَأْخُذُوا بِكَثِيرٍ مِنْهَا , حَتَّى يَسْأَلُوا غَيْرَهُ , فَإِذَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ غَيْرُهُ عَمِلُوا بِهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِيمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ فِي أَنَّهُ قَالَ: {وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ}: " لَمْ يَنْتَظِرْ بِأُمِّهِ أَنْ تَضَعَ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: جَعَلَ عِيسَى رَحِمَهُ اللَّهُ مَا ظَهَرَ مِنْ مُقَابَلَةِ السَّلَفِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِقِيَاسِ الْأُصُولِ , وَتَثْبِيتِهِمْ فِيهِ , عِلَّةً لِجَوَازِ مُقَابَلَةِ رِوَايَاتِهِ بِالْقِيَاسِ. فَمَا وَافَقَ الْقِيَاسَ مِنْهَا قَبِلَهُ , وَمَا خَالَفَهُ لَمْ يَقْبَلْهُ , إلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا قَدْ قَبِلَهُ الصَّحَابَةُ فَيُتَّبَعُونَ فِيهِ , وَلَمْ يَجْعَلْ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ كَحَدِيثِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ , لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ التَّثَبُّتِ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ مُقَابَلَتُهُ بِالْقِيَاسِ , مِثْلُ مَا ظَهَرَ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ , فَجَعَلَ ذَلِكَ أَحَدَ الْوُجُوهِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّثَبُّتِ فِي خَبَرِهِ , وَعَرْضِهِ عَلَى النَّظَائِرِ مِنْ الْأُصُولِ , فَإِنْ لَمْ تَرُدَّهُ النَّظَائِرُ مِنْ الْأُصُولِ قَبِلَهُ , وَإِنْ كَانَتْ نَظَائِرُهُ مِنْ الْأُصُولِ بِخِلَافِهِ - عُمِلَ عَلَى النَّظَائِرِ , وَلَمْ يَعْمَلْ بِالْخَبَرِ , كَمَا اعْتَبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ النَّظَائِرِ , وَكَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ فِي مَشْيِهَا فِي خُفٍّ وَاحِدٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ عَلَى جِهَةِ الِاجْتِهَادِ , وَحُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّاوِي , كَالشَّهَادَاتِ , فَمَتَى كَثُرَ غَلَطُ الرَّاوِي , وَظَهَرَ مِنْ السَّلَفِ التَّثَبُّتُ فِي رِوَايَتِهِ , كَانَ ذَلِكَ مُسَوِّغًا لِلِاجْتِهَادِ فِي مُقَابَلَتِهِ بِالْقِيَاسِ , وَشَوَاهِدِ الْأُصُولِ. وَحَكَى بَعْضُ مَنْ لَا يَرْجِعُ إلَى دِينٍ , وَلَا مُرُوءَةٍ , وَلَا يَخْشَى مِنْ الْبَهْتِ وَالْكَذِبِ: أَنَّ عِيسَى بْنَ أَبَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ طَعَنَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَأَنَّهُ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - أَنَّهُ قَالَ: " سَمِعْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: إنَّهُ {يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي ثَلَاثُونَ دَجَّالًا , وَأَنَا أَشْهَدُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْهُمْ} وَهَذَا كَذِبٌ مِنْهُ عَلَى عِيسَى رَحِمَهُ اللَّهُ , مَا قَالَهُ عِيسَى , وَلَا رَوَاهُ , وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِمَا ذَكَرْنَا: أَنْ نُبَيِّنَ عَنْ كَذِبِ هَذَا الْقَائِلِ , وَبَهْتِهِ , وَقِلَّةِ دِينِهِ. بَلْ الَّذِي ذَكَرَ عِيسَى فِي كِتَابِهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير