وكان هناك اتصال بين علماء الأحساء المعادين للدعوة وبين بعض العلماء النجديين المعارضين مثل الشيخ عبدالله المويسي (56) , وغيره حيث كان لهؤلاء دور في نشر كتابات المعادين للدعوة في البلدان النجدية (57).
ولم يكتف العلماء المعادون للدعوة في الأحساء ببعث كتاباتهم المعارضة للدعوة إلى نجد بل كانوا يستغلون فرصة قدوم بعض طلبة العلم النجديين للدراسة في الأحساء فيوغرون صدورهم ضد الدعوة , ومن أبرز هؤلاء عبدالعزيز ابن عبدالرحمن الرزيني الذي تلقى العلم عن الشيخ ابن عفالق وابن فيروز ووالده , وكان من المعجبين بآل فيروز ومن المثنين عليهم (58) , وقد كتب رسالة يرد بها على الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – في موضوع الوقف , وتبلغ هذه الرسالة اثنتان وثلاثون ورقة , ركز ثلثها الأول على مهاجمة الشيخ ودعوته , وضمن باقيها رأيه في موضوع الوقف.
وجاء في مقدمة هذه الرسالة قوله " بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي , الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافي مزيده – ثم قال بعد المقدمة – وبعد قيقول المحب الداعي بالتوفيق والمشير الناصح الشفيق عبدالعزيز بن عبدالرحمن حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم – ثم قال بعد عدة أسطر – وإن الباعث إلى رقم ما هو مسطور وزبر ما هو مذكور قصد إبلاغ السلام الجزيل مقروناً بالثناء الجميل جميع المحبوبين والمحبين من العشيرة والإخوان والجيران جعلهم الله متمسكين بحبله المتين منصورين على الطغاة والبغاة والمارقين " (59).
وقال – عفا الله عنا وعنه – بعد هذه المقدمات " تواتر عندي من الأخبار عنكم ما يطرب السامع ويشنف المسامع من إظهار دين الله وكبت أعداء الله وجعلهم بين مقتول ومشرد وما بين مقهور شمله مبدد فظلت لذلك قرير العين بادياً سروري لا يخفى على ذي عين – ثم قال بعد ذلك –واعلموا رحمكم الله أن محبكم يريد أن يهدي إليكم نصيحة فإن قبلتموها حمدت الله , وإن لم تقبلوها فالأمر لله وغالب ظني أنها إن شاء الله لديكم مقبولة وأن مواعدي امتثالها منجزة غير مطولة , والحامل لي على ذلك أمران إحداهما – ثم أورد قوله عليه السلام الدين النصيحة ... إلخ – وقضية أهل الكوفة بعد وفاة واليهم المغيرة بن شعبة (60) , ثم قال: الأمر الثاني أنكم عشيرتي وأسرتي أصل أنا بعض فروعه فأنتم أولى بنصيحتي لمحبتي لكم وشفقتي عليكم " (61).
ثم علل بعد ذلك إرساله هذه الرسالة لعدم تمكنه من زيارتهم واللقاء بهم مباشرة , وحثهم على تقوى الله ثم قال بعد ذلك " ومن أعظم نعم الله أن نجاكم من هؤلاء الخارجين المارقين الطاغين الكاذبين الناقصين القاصرين المتجبرين , طهر الله منهم البلاد وأراح العباد بعد أن كنتم لهم كالمماليك يسومونكم سوء العذاب لا يقبلون من محسنكم ولا يتجاوزون عن مسيئكم " (62).
وشبه فعل من وصفهم بالمارقين بقومه بفعل فرعون ببني إسرائيل , وقال بأن النصارى في بلاد الهند لا يفعلون بالمسلمين فعل هؤلاء المارقين , وذكر قصة أحد ملوكهم الذي بنى سوراً على قلعة بلدة , وكان من مجرى السور مسجد فأمر بعدم هدمه احترماً لمشاعر المسلمين , وكان هناك قاض للمسلمين وقاض للنصارى , وأنه كانت الخصومة بين مسلم ونصراني فالحكم عند قاضي المسلمين , وقال الشيخ الرزيني بأن ذلك يحصل والبد في أيديهم (63) , والمسلمون قليل فيها وهو يقولون إن الله ثالث ثلاثة تعالى الله عما يقولون الظالمون علواً كبيرا (64).
ثم طلب بعد ذلك من جماعته أن يحمدوا الله على إنقاذه لهم من هؤلاء المارقين وطلب ممن تابعوهم التوبة ثم قال " وأنتم أرشدنا الله وإياكم رأيتم ما عليه هؤلاء المارقون الكاذبون سمعتم أقوالهم ورأيتم أفعالهم , وتبين لكم بطلان مذهبهم الفاسد – ثم قال بعد ذلك محملاً قومه تبعة نجاح أعدائهم لعدم مبادرتهم في التصدي لهم – فليكن معلوماً لكم أن الله لم يسلط عليكم هذا السفيه لكونه أفضل منكم وخيراً منكم ولكن سلطه الله عليكم جزاء لكم بترككم إياه يعيث الفساد بينكم ولم يصده أحد منكم عما يريد ولم تنهوه حتى تعاظم أمره وتفاقم شره ولم ير من تعرض له فصغرتم في عينه حتى كأنكم لستم عنده من بني آدم بل ( ... ؟) (65) , بعينه وأصحابه إما سرا وإما علانية , فلما خبر حالكم داسكم دوس الحصاد الدائس ومنته نفسه أموراً فأخذ من مباديها
¥