تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[06 - 03 - 02, 09:34 م]ـ

إبن عدي

استدراك على بعض المعاصرين في علم الحديث

قال عبد الفتاح أبو غدة (في تحقيقه لرسالة أبي داود) ص 50: كلام المتقدمين تغلب عليه العفوية في التعبير.

وقال مشهور حسن سلمان في كتابه (الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح)، (346:1): وذلك لأن الإمام (أي مسلم) قد ذكر هذه القواعد بدون تكلف على طريقة المتقدمين، بدون تهذيب ولا تحرير، فعبر عن أفكاره بطريقة عفوية، فلم يبال بتكرار الجمل، ولا الإيجاز المخل.

قلت: هذا الكلام لا يصح، ولا ينبغي أن يقبل بحال، ذلك أن رمي هؤلاء الأئمة الأعلام بالسطحية والعفوية، كلام خطير وزلة لا تغتفر.

فإما أن القائل مغرض ذو هوى، وإما أنه قال كلاما ولم يدرك عواقبه، فهذا الهراء يعتبر قدحا في مناهجه الأئمة وطعنا في مداركهم، وفتح باب من الشر يجب غلقه.

فإذا كان الإمامان اللذان لا يسبقان والفارسان اللذان لا يلحقان، يقال عنهما هذا الكلام، فلعمري .. على هذا المنهج .. كل السلف قاطبة على هذا الحال، فإذا قال الإمام أحمد: (من قال كذا فهو جهمي)، فلنا أن نقول أن أبا عبد الله يلقي الكلام جزافا وهو لا يعني ما يقول.

فدعوا عنكم الخبط والخلط، فإذا قصرت إفهامكم عن إدراك مقاصد الأئمة ومراميهم من كلامهم، فلا أقل من تركه وشأنه لينبري لتبيينه أهل الدراية والإلمام به، أما سلوك سبيل مقارعة الأئمة، والوقوف لمناطحتهم رأسا لرأسا، بل أعظم من ذلك من اتهامهم بالعفوية والدونية في التعبير فهذه حال لا يجوز السكوت عليها.

وأنا على يقين أن المحققين لم يدركا كلام الإمامين كما ينبغي، فكلام الأولين عند من لا يحسنه يعتبر كهانة وعبارات لا معنى لها ولا مغزى.

فالأئمة الفحول من أهل الحديث، يكتبون لتلاميذهم الذين فهموا عباراتهم ومقاصدهم، فإذا قال الإمام أبو داود: هذا حديث (صالح) فهذا الاصطلاح معلوم عندهم بدهي لا يحتاج إلى شرح وبيان، وإذا حكم الإمام الترمذي على حديث: بأنه (حسن صحيح غريب)، فهو واضح عندهم متيقن فهمه!

أما في العصور المتأخرة فقد قعد المعاصرون قواعد واصطلحوا على اصطلاحات معينة، تختلف عما عليه الأئمة المتقدمون من الحذاق في هذا الفن، فلما نظر هؤلاء القوم إلى كلام الحفاظ اختلفت عبارات الأئمة وطرائقهم عن طرائق ومناهج هؤلاء القوم، فعارضوا بضاعتهم ببضاعة الأئمة، وتعقبوهم فيما لا طائل تحته، وهم لا يدرون أن بضاعتهم مزجاة، فحصل التخليط واللبس في الفهم، فإذا قال الترمذي هذا حديث حسن، قال أحدهم: كلا بل هو حديث ضعيف، وما علم المسكين أن المعنى الاصطلاحي للحسن ما جاء إلا بعد الترمذي بنحو خمسمائة عام!

فا لترمذي في واد وصاحبنا في واد!

ولنختم بهذا المثال العجيب:

قال علي الحلبي في تحقيقه لكتاب العلل لابن الشهيد ص 110:

ومن عجب قول الإمام أبي حاتم الرازي في " علل الحديث " عن هذا الحديث بهذا الإسناد: " هذا حديث منكر ".

وكذا قول الإمام البخاري: لا أعلم أحدا رواه غير يحي بن حسان!

قلت: لا ينقضي عجبي من هذا التطاول على هؤلاء الأساطين، فهلا اتهمت نفسك بالوهم بدلا من جعله في ساحة الإمامين، فإذا تبين لك أولا ماذا يعني الإمام بهذا الاصطلاح (المنكر)، وثانيا ما وجه قول الإمام عن هذا الحديث بعينه منكر، عندها حق لك أن تعجب وأن تنتقد. لكن كما يبدو لي والعلم عند الله، ليس في ذهنك إلا تعريف ابن حجر للمنكر، فيما أن إطلاقات المتقدمين للمنكر عديدة، وبمعان تتضح عند تتبع كلام القطان والإمام أحمد والبرديجي من أحلاس هذا الفن وأساتذة الرواية.

خليل بن محمد

حيا الله الأخ الفاضل ((ابن عدي))

وقد كنت قرأت لك بعض المشاركات الجميلة

فحياك وبياك في منتدانا

أما مشاركة هذه فهي مشاركة رائعة

فجزاك الله خيراً ونفع بك.

وأزيدك ـ أخي الفاضل ـ بهذا المثال أيضاً:

قال سليم الهلالي في كتابه ــ الذي طبع مؤخراً ــ ((كفاية الحفظة شرح المقدمة الموقظة)) في الفهرس ص 437 ((الرد الحسن على منكري الحديث الحسن من عدة وجوه قاطعة، وبيان أن التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين بدعة عصرية مآلها إلى هدم السنة النبوية، ونسف علم مصطلح الحديث)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير