تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنا لموسعون وذلك أن كل ما علا اتسع فكل سماء أعلى من التي تحتها فهي أوسع منها ولهذا كان الكرسي أعلى من السموات وهو أوسع منهن كلهن والعرش أعظم من ذلك كله بكثير

وقال شيخ الإسلام رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ونشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله تسليما

فصل

فى صحيح البخارى وغيره من حديث عمران بن حصين رضى الله عنه ان النبى قال يا بنى تميم اقبلوا البشرى قالوا قد بشرتنا فإعطنا فأقبل على أهل اليمن فقال يا اهلاليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم فقالوا قد قبلنا يا رسول الله قالوا جئناك لنتفقه فى الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر فقال كان الله ولم يكن شىء قبله وفى لفظ معه وفى لفظ غيره وكان عرشه على الماء وكتب فى الذكر كل شىء وخلق السموات والأرض وفى لفظ ثم خلق السموات والأرض ثم جاءنى رجل فقال ادرك ناقتك فذهبت فإذا السراب ينقطع دونها فوالله لوددت أنى تركتها ولم أقم

قوله كتب فى الذكر يعنى اللوح المحفوظ كما قال ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أى من بعد اللوح المحفوظ يسمى ما يكتب فى الذكر ذكرا كما يسمى ما يكتب فيه كتابا كقوله عز وجل أنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون

والناس فى هذا الحديث على قولين منهم من قال إن مقصود الحديث اخباره بأن الله كان موجودا وحده ثم أنه إبتدأ إحداث جميع الحوادث واخباره بأن الحوادث لها إبتداء بجنسها واعيانها مسبوقة بالعدم وإن جنس الزمان حادث لافى زمان وجنس الحركات والمتحركات حادث وإن الله صار فاعلا بعد ان لم يكن يفعل شيئا من الأزل إلى حين إبتدأ الفعل ولا كان الفعل ممكنا

ثم هؤلاء على قولين منهم من يقول وكذلك صار متكلما بعد

إن لم يكن يتكلم بشىء بل ولا كان الكلام ممكنا له ومنهم من يقول الكلام امر يوصف به بأنه يقدر عليه لا أنه يتكلم بمشيئته وقدرته بل هو امر لازم لذاته بدون قدرته ومشيئته ثم هؤلاء منهم من يقول هو المعنى دون اللفظ المقروء عبر عنه بكل من التوارة والإنجيل والزبور والفرقان ومنهم من يقول بل هو حروف وأصوات لازمة لذاته لم تزل ولا تزال وكل ألفاظ الكتب التى أنزلها وغير ذلك والقول الثانى فى معنى الحديث أنه ليس مراد الرسول هذا بل ان الحديث يناقض هذا ولكن مراده اخباره عن خلق هذا العالم المشهود الذى خلقه الله فى ستة أيام ثم إستوى على العرش كما اخبر القرآن العظيم بذلك فى غير موضع فقال تعالى وهو الذى خلق السموات والأرض فى ستة ايام وكان عرشه على الماء وقد ثبت فى صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء فأخبر صلى الله عليه وسلم أن تقدير خلق هذا العالم المخلوق فى ستة أيام وكان حينئذ عرشه على الماء كما اخبر بذلك القرآن والحديث المتقدم الذى رواه البخارى فى صحيحه عن عمران رضى الله عنهومن هذا الحديث الذى رواه الترمذى وأبوداود وغيرهما من عبادة بن الصامت عن النبى أنه قال أول ما خلق الله القلم فقال له أكتب قال وما اكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة فهذا القلم خلقه لما امره بالتقدير المكتوب قبل خلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وكان مخلوقا قبل خلق السموات والأرض وهو اول ما خلق من هذا العالم وخلقه بعد العرش كما دلت عليه النصوص وهو قول جمهور السلف كما ذكرت أقوال السلف فى غير هذا الموضع

والمقصود هنا بيان ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة

والدليل على هذا القول الثانى وجوه

أحدها أن قول أهل اليمن جئناك لنسألك عن اول هذا الأمر إما أن يكون الأمر المشار إليه هذا العالم او جنس المخلوقات فإن كان المراد هو الأول كان النبى صلى الله عليه وسلم قد أجابهم لأنه اخبرهم عن أول خلق هذا العالم وإن كان المراد الثانى لم يكن قد اجابهم لأنه لم يذكر أول الخلق مطلقا بل قال كان الله ولا شىء قبله وكان عرشه على الماء وكتب فى الذكر كل شىء ثم خلق السموات والأرض فلم يذكر إلا خلق السموات والأرض لم يذكر خلق العرش مع ان العرش مخلوق أيضا فإنه يقول وهو رب العرش العظيم وهو خالق كل شىء العرش وغيره ورب كل شىء العرش وغيره وفى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير