تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قُلْت: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَرْجِمْ بِجَوَازِ تَرْك الْغُسْل وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا نَفْيُ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ الْخِلَاف فَمُعْتَرَض فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثَبَتَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ لَكِنْ اِدَّعَى اِبْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ الْخِلَافَ اِرْتَفَعَ بَيْنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا.

فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيّ: أَنَّهُ قَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ جَمَاعَة فَسَمَّى بَعْضهمْ قَالَ: وَمِنْ التَّابِعِينَ الْأَعْمَش وَتَبِعَهُ عِيَاض لَكِنْ قَالَ: لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَد بَعْدَ الصَّحَابَةِ غَيْره وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عِنْدَ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَيْضًا عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَطِيبُ نَفْسِي إِذَا لَمْ أُنْزِلَ حَتَّى اِغْتَسَلَ مِنْ أَجْلِ اِخْتِلَافِ النَّاسِ لِأَخْذِنَا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى.

وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي اِخْتِلَافِ الْحَدِيثِ: حَدِيث " الْمَاء مِنْ الْمَاءِ " ثَابِتٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَى أَنْ قَالَ: فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا - يَعْنِي مِنْ الْحِجَازِيِّينَ - فَقَالُوا: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يُنْزِلَ ا ه. فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّه أَعْلَمُ.

3. فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب - (ج 2 / ص 71)

وقال طائفة مِن العلماء: لما اختلفت الأحاديث في هَذا وجب الأخذ بأحاديث الغسل مِن التقاء الختانين، لما فيها مِن الزيادة التي لَم يثبت لها معارض، ولم تبرأ الذمة بدون الاغتسال؛ لأنه قَد تحقق أن التقاء الختانين موجب لطهارة، ووقع التردد: هل يكفي الوضوء أو لا يكفي دونَ غسل البدن كله؟ فوجب الأخذ بالغسل؛ لأنه لا يتيقن براءة الذمة بدونه.

وهذا معنى قول البخاري: الغسل أحوط.

ولذلك قالَ أحمد -في رواية ابن القاسم -: الأمر عندي في الجماع أن آخذ بالاحتياط فيهِ، ولا أقول: الماء مِن الماء.

وَاَللَّه أَعْلَمُ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير