تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما استدل به الشيخ ناصر أيضًا ما عزاه إلى أبي داود والبيهقي (7/ 86) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تبايعه ولم تكن مختضبة فلم يبايعها حتى اختضبت.

وجدنا حديث عائشة الآتي فنذكره بسنده -إن شاء الله- ونبين ما فيه.

قال أبو داود -رحمه الله- (4165):

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنني غبطة بنت عمرو المجاشعية قالت: حدثتني عمتي أم الحسن عن جدتها عن عائشة -رضي الله عنها- أن هند بنت عتبة قالت: يا نبي الله بايعني, قال: ((لا أبايعك حتى تغيري كفيك كأنهما كفا سبع)).

فهذا إسناد ضعيف جدًا ففيه غبطة بنت عمرو المجاشعية لم يوثقها معتبر, فالراجح لدينا فيها أنها مجهولة, وقد قال الحافظ ابن حجر فيها أنها مقبولة وعلى تسليمنا لقول الحافظ فإن معني قوله مقبولة, أي: إذا توبعت وإلا فليَّنة كما نص هو على ذلك, وفيه أيضًا أم الحسن مجهولة فالسند ضعيف جدًا إذ هو كما رأيت مسلسل بالمجاهيل. وعقب أبو داود الحديث السابق بالحديث (4166) فقال: حدثنا محمد بن محمد الصوري حدثنا خالد بن عبد الرحمن حدثنا مطيع بن ميمون عن صفية بنت عصمة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يده فقال: ((ما أدري أيد رجل أم يد امرأة)). قلت: بل امرأة, قال: ((لو كنت امرأة لغيرت أظفارك)). يعني بالحناء.

وهذا إسناد ضعيف ففيه مطيع بن ميمون وهو ضعيف وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته في الميزان ونقل عن ابن عدي أنه قال فيه: هذا الحديث غير محفوظ. وكذلك في هذا الإسناد صفية بنت عصمة وهي مجهولة فهذا الإسناد ضعيف جدًا.

فبهذا يسقط الاستدلال بهذا والذي قبله.

ويزيد هذا الحديث ضعفًا ما أخرجه البخاري (فتح 13/ 203) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية: {لا يشركن بالله شيئا}. قالت: وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها.

واستدل الشيخ -رحمه الله- أيضًا بحديث الحارث بن الحارث الغامدي قال: (قلت لأبي ونحن بمنى) ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء القوم قد اجتمعوا على صابئ لهم قال: (فنزلنا, وفي رواية فتشرفنا) فإذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به وهم يردون عليه قوله ويؤذونه حتى انتصف النهار وتصدع عنه الناس, وأقبلت امرأة قد بدا نحرها (تبكي) تحمل قدحًا فيه ماء ومنديلاً فتناوله منها وشرب وتوضأ ثم رفع رأسه (إليها) فقال: ((يا بنية: خمري عليك نحرك ولا تخافي على أبيك (غلبة ولا ذلاً))).

قلت: من هذه؟ قالوا (هذه) زينب بنته).

قلت: هذا الحديث أخرجه الطبراني في موضعين من المعجم الكبير أولهما (3/ 268) والثاني (22/ 1052) , ومن الواضح أن هذه القصة كانت بمنى وكانت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤيد ذلك قوله: قد اجتمعوا على صابئ لهم, وقوله: يدعو الناس إلى توحيد الله -عز وجل-, فمن ثم فهي قبل نزول آية الحجاب فلا دلالة فيها, وما أظن أن الشيخ ناصر -رحمه الله- يخفي عليه مثل هذا.

ثم استدل الشيخ -رحمه الله- في الحاشية وفي آخر استدلالاته ببعض الآثار, ولكنه لم يجعلها عمدة في استدلالاته؛ حيث ذكرها في الحواشي, وهذه الآثار ليست مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليست أصلاً في الاحتجاج, هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى أن في بعضها - بل في أغلبها- ذكر امرأة سوداء فهذا يشير إلى أن المرأة من الإماء, وقد قدمنا أن الإماء ليس عليهن ما على الحرائر من وجوب تغطية الوجه. وأيضًا ففي كثير من هذه الآثار لم يتحقق هل المرأة من القواعد من النساء أم لا؟ وليس فيما ذكر عن بعض الجواري هل بلغت إحداهن المحيض أم لا؟ كل هذا لم يتضح في هذه الآثار.

وأيضًا فكثير منها يحتاج إلى النظر في إسناده, ولم نرهق أنفسنا في النظر في إسناده إذ أن الشيخ لم يجعلها عمدة من ناحية ومن ناحية أخرى أنها ليست بحجة فليس فيها شئ مرفوع, هذا بالإضافة إلى النواحي المذكورة


أنتهى

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير