تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إسباغ الوضوء على المكاره من علامات المحبين كما في كتاب الزهد للإمام أحمد عن عطاء بن يسار قال: "قال موسى عليه السلام: يارب! من أهلك الذين هم أهلك، الذين تُظلهم في ظلّ عرشك!. قال: هم البرية أيديهم، الطاهرة قلوبهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذُكرت ذُكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم، الذين يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى أوكارها، ويكْلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حُرِب".

وقد يخرق الله العادة لبعض المحبين له فلا يجد ألم برد الماء، كما كان بعض السلف قد دعا الله أن يهون عليه الطهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء وله بخار، وربما سُلب بعض الإحساس في الحر والبرد مطلقاً، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب الله عنه الحر والبرد، فكان يلبس في الصيف لباس الشتاء، وفي الشتاء لباس الصيف، وقال النبي) فيه: "إنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله".

[اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى]

ابن رجب

الصفحة: 5

[اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى]

ابن رجب

الصفحة: 6

ورأى أبو سليمان الداراني في طريق الحج في شدة برد الشتاء شيخاً عليه أخلاق رثّةً وهو يرشح عرقاً، فسأله عن حاله، فقال: إنما الحر والبرد خلقان لله عز وجل، فإن أمرهما أن يغشيان أصاباني، وإن أمرهما أن يتركاني تركاني. وقال: أنا في هذه البرية منذ ثلاثين سنة يُلبسُني في البرد فيحاً من محبته، ويلبسني في الصيف برداً من محبته. وقيل لآخر وعليه خرقتان في برد شديد: لو استترت في موضع يُكِّنُك من البرد! ... فأنشد:

ويُحسنُ ظني أنني في فنائِه

وهل أحدٌ في كُنِّه يجِدُ البردا؟.

"السبب الثاني من مُكفِّرات الذنوب":

المشي على الأقدام إلى الجماعات وإلى الجمعات، ولا سيما إن توضأ الرجل في بيته ثم خرج إلى المسجد لا يريد بخروجه إلا الصلاة فيه كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي) قال: "صلاة الرجل في الجماعة تَضْعُف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسةً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطُ خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاّه: "اللهم صلي عليه، اللهم ارحمه"، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة".

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي) قال: "من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه: إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي) قال: "كل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة".

وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عقبة بن عامر عن النبي) قال: "إذا تطهر الرجل ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات".

وفيهما أيضاً عن عبد الله بن عمرو عن النبي) قال: "مَن راح إلى مسجد جماعة فخطوتاه: خطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب حسنة ذاهباً وراجعاً".

وفي سنن أبي داود عن أبي أمامة عن النبي) قال: "من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاجّ المحرم".

وفيه أيضاً عن رجل من الأنصار عن النبي) قال: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة، لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله له بها حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حطَّ الله عنه بها خطيئة، فليقرب أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غُفر له".

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً.

فالمشي إلى الجمعات له مزيد فضل، لا سيما إن كان بعد الاغتسال، كما في السنن عن أبي أوس عن النبي) قال: "من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة أجر سنة: صيامها وقيامها".

وكلما بعد المكان الذي يمشي منه إلى المسجد كان المشي منه أفضل لكثرة الخطا، وفي صحيح مسلم عن جابر قال: كانت دارنا نائية عن المسجد، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقرب من المسجد، فنهانا رسول الله) وقال: "إن لكم بكل خطوة حسنة".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير