[قصيدة رائعة لشيخ الإسلام في الرد القدرية ....]
ـ[أم عبدالرحمن السلفية]ــــــــ[04 - 04 - 05, 04:20 ص]ـ
هذه قصيدة رائعة وهي من قصائد الردود لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وفيها يرد شيخ الإسلام على أحد الذميين الذي قال:
أيا علماء الدين، ذمي دينكم تحير دلوه بأوضح حجة
إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم ** ولم يرضه مني، فما وجه حيلتي؟
دعاني، وسد الباب عني، فهل إلى ** دخولي سبيل؟ بينوا لي قضيتي
قضى بضلالي، ثم قال: ارض بالقضا ** فما أنا راض بالذي فيه شقوتي
فإن كنت بالمقضي يا قوم راضيا ** فربي لا يرضى بشؤم بليتي
فهل لي رضا، ما ليس يرضاه سيدي ** فقد حرت دلوني على كشف حيرتي
إذا شاء ربي الكفر مني مشيئة ** فهل أنا عاص في اتباع المشيئة؟
وهل لي اختيار أن أخالف حكمه؟ ** فبالله فاشفوا بالبراهين علتي
فأجاب شيخ الإسلام الشيخ الإمام العالم العلامة أحمد ابن تيمية مرتجلا الحمد لله رب العالمين:
سؤالك يا هذا، سؤال معاند ** مخاصم رب العرش، باري البرية
فهذا سؤال، خاصم الملأ العلا ** قديما به إبليس، أصل البلية
ومن يك خصما للمهيمن يرجعن ** على أم رأس هاويا في الحفيرة
ويدعى خصوم الله يوم معادهم ** إلى النار طرا، معشر القدرية
سواء نفوه، أو سعوا ليخاصموا ** به الله، أو ماروا به للشريعة
وأصل ضلال الخلق من كل فرقة ** هو الخوض في فعل الإله بعلة
فإنهمو لم يفهموا حكمة له ** فصاروا على نوع من الجاهلية
فإن جميع الكون أوجب فعله ** مشيئة رب الخلق باري الخليقة
وذات إله الخلق واجبة بما ** لها من صفات واجبات قديمة
مشيئته مع علمه، ثم قدرة ** لوازم ذات الله قاضي القضية
وإبداعه ما شاء من مبدعاته ** بها حكمة فيه وأنواع رحمة
ولسنا إذا قلنا جرت بمشيئة ** من المنكري آياته المستقيمة
بل الحق أن الحكم لله وحده له ** الخلق والأمر الذي في الشريعة
هو الملك المحمود في كل حالة ** له الملك من غير انتقاص بشركة
فما شاء مولانا الإله، فإنه ** يكون وما لا لا يكون بحيلة
وقدرته لا نقص فيها، وحكمه ** يعم. فلا تخصيص في ذي القضية
أريد بذا أن الحوادث كلها ** بقدرته كانت، ومحض المشيئة
ومالكنا في كل ما قد أراده ** له الحمد حمدا يعتلي كل مدحة
فإن له في الخلق رحمته سرت ** ومن حكم فوق العقول الحكيمة
أمورا يحار العقل فيها إذا رأى ** من الحكم العليا وكل عجيبة
فنؤمن أن الله عز بقدرة ** وخلق وإبرام لحكم المشيئة
فنثبت هذا كله لإلهنا ** ونثبت ما في ذاك من كل حكمة
وهذا مقام طالما عجز الأولى ** نفوه وكروا راجعين بحيرة
وتحقيق ما فيه بتبيين غوره ** وتحرير حق الحق في ذي الحقيقة
هو المطلب الأقصى لوراد بحره ** وذا عسر في نظم هذي القصيدة
لحاجته إلى بيان محقق ** لأوصاف مولانا الإله الكريمة
وأسمائه الحسنى، وأحكام دينه ** وأفعاله في كل هذي الخليقة
وهذا بحمد الله قد بان ظاهرا ** وإلهامه للخلق أفضل نعمة
وقد قيل في هذا وخط كتابه ** بيان شفاء للنفوس السقيمة
فقولك: لم قد شاء؟ مثل سؤال من ** يقول: فلم قد كان في الأزلية؛
وذاك سؤال يبطل العقل وجهه ** وتحريمه قد جاء في كل شرعة.
وفي الكون تخصيص كثير يدل من ** له نوع عقل: أنه بإرادة
وإصداره عن واحد بعد واحد ** أو القول بالتجويز رمية حيرة
ولا ريب في تعليق كل مسبب ** بما قبله من علة موجبية
بل الشأن في الأسباب، أسباب ما ترى ** وإصدارها عن الحكم محض المشيئة
وقولك: لم شاء الإله؟ هو الذي ** أزل عقول الخلق في قعر حفرة
فإن المجوس القائلين بخالق ** لنفع، ورب مبدع للمضرة
سؤالهم عن علة السر، أوقعت ** أوائلهم في شبهة الثنوية
وإن ملاحيد الفلاسفة الأولى ** يقولون بالفعل القديم لعلة
بغوا علة للكون بعد انعدامه ** فلم يجدوا ذاكم، فضلوا بضلة
وإن مبادي الشر في كل أمة ** ذوي ملة ميمونة نبوية
بخوضهمو في ذاكم، صار شركهم ** وجاء دروس البينات بفترة
ويكفيك نقضا أن ما قد سألته ** من العذر مردود لدى كل فطرة
فأنت تعيب الطاعنين جميعهم ** عليك، وترميهم بكل مذمة
وتنحل من والاك صفو مودة ** وتبغض من ناواك من كل فرقة
ذوحالهم في كل قول وفعلة ** كحالك يا هذا بأرجح حجة
وهبك كففت اللوم عن كل كافر ** وكل غوي خارج عن محبة
¥