تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حارث همام]ــــــــ[09 - 04 - 05, 10:18 م]ـ

أخي الكريم ..

كان دأب السلف تقرير ما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، فلما أحدث أهل البدع بدعهم قاموا بالرد عليهم، لمعالجة واقع معين، والقول بأن ذلك كان لكونهم أعظم خطراً من النصارى وأشر مجمل فإن عني بهم في وقتها فلا شك في ذلك، فلم يكن افتتان المسلمين بالكفار في تلك الأعصار ذا بال فالدولة كانت دولة الإسلام والصغار مضروب على الكفار.

أما في العصور التي تنمر فيها أهل الكفر وظهروا فتصانيف أهل الإسلام وكلامهم وواقع حالهم وجهادهم مع بعض المبتدعة دليل على تقديم خطرهم. وقد قال الله تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .. ) الآية وهذا ظاهر في أن الكفار هم أشد في العداوة ممن سواهم.

والمبتدع ما لم تخرجه بدعته عن الإسلام فيجتمع في حقه ولاء وبراء بخلاف الكافر. ولا يستقيم أن يقال أمرنا بتغليظ العداوة والبراء من شخص ودينه مع أنهما أقل خطراً علينا ممن أمرنا فيه بنوع موالاة.

وقد جعل شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلام له الرد على المباحية أحرى من الرد على بعض من دونهم من أصحاب البدع التي يدور أهلها في فللك كفر أهون من كفر أولئك لأن كفر المباحية أغلظ من كفر اليهود والنصارى ولنفس السبب جعل ضرر بعض الرافضة والباطنية أعظم من ضرر أولئك لأن كفرهم أعظم.

هذا من حيث الجملة، وقد يعيش الإنسان في مجتمع عامته لم يسمعوا باللجهم ولا يعرفون ابن كلاب، بل لايعرفون عن الأشعري شيئا يذكر، فليس وراء الرد على ابن كلاب حينها –والذي ألف السلف في الرد عليه ما ألفوا- كبير فائدة لذلك الجيل، بل لتكن الصورة أدق لنقل أنه في مجتمع وقع أهله في بعض بدع الأشاعرة العقدية مع افتتانهم بالغرب وإعجابهم بنظامه وتأثرهم بأفكاره العلمانية ونظامه الديمقراطي فالبدء بمعالجة هذا الخلل الكفري أولى من ذلك الخلل البدعي. وإذا كان المريض يعاني من داءين أحدهما قاتل قد يخرج به عن حيز الحياة، والآخر دون ذلك فالبدء بما يخرجه عن الدنيا أولى وكذلك البدء بما يخرج عن الدين.

وربما تجد مجتمعاً آخر تنعكس فيه الصورة فلا يمثل غزو التغريب أو العلمانية إلاّ في نفر منبوذ مع تأثر المجتمع ببدع القبورية والجهمية الصغرى والكبرى، فمن الحكمة عندها الاشتغال بمنع الداء الذي يمرض المجتمع بأسره عوضاً عن التشاغل بقلة لاتساوي في وزن المجتمع جناح بعوضة.

وكذلك الأمر على نطاق الأفراد، فإجمالاً إذا رأيت اثنين أحدهما يسر في طريق تنتهي به إلى هاوية لا مخرج له منها، والآخر يتجه نحو هاوية ربما انكدس فيها وربما خرج إذا سقط بعدها، فلعل إحسانك باشتغالك في إنقاذ الأول أعظم.

ومن جهة أخرى قد يعظم هجوم طائفة من أهل الباطل على فئة فيكون من الحكمة حينها الرد على أهل ذلك الباطل الماثل لا التشاغل بغيرهم ممن لايمثلون خطراً على أرض الواقع.

أما الأشخاص الذين انتشر باطلهم بحيث يتعين الرد عليهم فهم قليل، ولكن الباطل الذي دعوا إليه وانتشر كثير، والمهم هو الرد على الباطل بصرف النظر عن قائله فالعامة قد لايعرفون القائلين المقررين لما هم عليه من بدع القبور وشركياتها مثلاً، ولكنهم واقعون فيها جراء تسويغ قطاع من منتسبي العلم لها وهؤلاء قل من ذاع صيته واشتهر بتسويغ ذلك بينهم.

مع أنه قد يقع ذلك في رقعة معينة، كما افتتن أناس قديماً بابن أبي دؤاد وبعمرو بن عبيد وأضرابهم.

وفي هذا العصر تجد فئاماً في بعض المجتمعات افتتنوا بأفكار العقلانيين والعلمانين، وآخرون افتتنوا بأفكار المرجئة العصريين، وطائفة على نقيضهم، ولو تأملت هذا في بعض المنتديات [ولا أرى من الحكمة التمثيل] لوجدته ظاهرا وكذلك واقع الأمر في بعض المجتمعات ولكل واحد من هؤلاء رأس وعلم.

وفي الختام لابد أن تقرر أين أنت وماذا تحسن وما هو الأولى في حقك أنت أنت لا في رأي غيرك، وفقك الله ونفع بك وجزاك الله خيراً على حرصك.

ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[10 - 04 - 05, 11:00 ص]ـ

جزاك ربى خيرا ..

أصبت الهدف يا شيخ ...

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير