من الثابت والمسلمات لدينا أن مشايخ المولد النبوي من المتصوفة، كما أنهم يعتقدون معتقداتهم، يثبت ذلك مؤلفاتهم وما بثّوه فيها من عقائد المتصوفة، ومن هذه العقائد (عقيدة الحقيقة المحمدية) المستوحاة من النور المحمدي، وهو مصطلح لم يستقر فيه أقطاب التصوف على تعريف واضح محمدد، بل كل واحد قال فيه بحسب ذوقه وما ورد على قلبه فيه، وإليك نصوص بعض مؤلفات المولد النبوي:
مولد ابن حجر الهيتمي (ت 909هـ) ومما قاله عن الحقيقة المحمدية في مولده: " .. وذلك أنه تعالى أبرز الحقيقة المحمدية من محض النور، قبل وجود ما هو كائن من المخلوقات بعد، ثم سلخ منها العوالم كلها، ثم أعلمه الله تعالى بسبق نبوته وبشّره بعظيم رسالته، كل ذلك وآدم لم يوجد، ثم انبجست منه عيون الأرواح، فظهر بالملأ الأعلا أصلا، مُمدا للعوالم كلها".
نقله النبهاني في جواهره (3/ 352 نقلا عن مولد الهيتمي).
مولد ملا علي قاري (ت 1014هـ) من كبار علماء الحنفية ومحققيهم لكنه لم يسلم من الإنجراف في هذه الهاوية، حيث نقل في مولده (المورد الروي ص 20)، عن القسطلاني كلامه عن الحقيقة المحمدية، فقال: "قال القسطلاني: لما تعلقت إرادة الحق تعالى بإيجاد خلقه وتقدير رزقه أبرز الحقيقة المحمدية من الأنوار الصمدية في الحضرة الأحدية، ثم سلخ منها العوالم علوها وسفلها .. ".وانظر المواهب اللدنية للقسطلاني (3/ 111).
مولد البرزنجي (ت 1177هـ)
وهو من الموالد المشهورة التي تقال في الحجاز، وهو عندي بصوت بعض المنشدين، ومما قاله في ذلك: "ولما أراد الله تعالى إبراز حقيقته المحمدية، وإظهاره جسما ورحا بصورته ومعناه، نقله إلى مقره من صدفة آمنة الزهرية وخصها القريب المجيب بأن تكون أما لمصطفاه .. ". انظر جواهر البحار (3/ 492 نقلا عن مولد البرزنجي).
غلوهم في النور المحمدي
لا تكاد ترى غلوا في الأمة إلا وللصوفية قصب السبق فيه، وكم غلو في النور المحمدي يكاد يخرج من الملة من ذلك:
• زعمهم أن الله عزوجل ظهر في ذلك النور، ذكر هذا الباطل منظر المولد في العصر الحديث النبهاني في جواهره (3/ 339 - 343) عن مولد المغربي.
• زعمهم أن النور المحمدي هو المرآة التي ظهر فيها الله عزوجل _ تعالى الله عما يقول الزنادقة علوا كبيرا.
وفي ذلك يقول الجيلي واصفا الصورة المحمدية:
أنوار حسن بدت في القلب لامعة مسترات وهي الشمس طالعة
للحق فيها ظهور عند عارفه فليس تخفى التجليات ساطعة
إلى أن قال:
مخلوقة وهي مرآة لخالقها قريبة قد غدت في الحكم طائعة
وقد ذكر ذلك النبهاني عن عبدالقادر الجزائري (3/ 272 نقلا عن كتابه المواقف)، ونقله عن المغربي في مولده (3/ 337 – 339)، ونقله عن الميرغني (4/ 116).
وهي عقيدة صوفية كما ذكر القاشاني (ت730هـ) في معجمه اصطلاحات الصوفية (ص 102) والحفني في معجمه (ص 226).
• زعمهم أن الجن استفاضت من ذلك النور، ذكره النبهاني (3/ 369) عن شرح ابن عابدين لمولد الهيتمي.
• زعمهم أن الله أبرز الأنبياء من فيض ذلك النور، ذكره النبهاني (3/ 341) عن مولد المغربي.
• زعمهم أن الأنبياء شربوا من النور المحمدي، ذكره النبهاني عن عبدالعزيز الدباغ أحد الأقطاب الأميين. انظر كتابه حجة الله على العالمين (ص54).
• كما زعم القطب الدباغ أن النور المحمدي في ذوات الكفار ولولاه لخرجت إليهم جهنم وأكلتهم أكلا، ذكره النبهاني في حجة الله على العالمين (ص 53).
• زعمهم أن ابن الفارض الشاعر خلق من النور المحمدي، ذكر هذا الباطل النبهاني في جواهره (3/ 310 نقلا عن شرح النابلسي لدوان ابن الفارض) عن مفسر الأحلام النابلسي عند شرحه لبعض أبيات من تائية ابن الفارض، ونقله فرحا به النبهاني – ذرية بعضها من بعض – فقال النابلسي عند قول ابن الفارض في تأيته:
وحزني ما يعقوب بثّ أقله وكل بِلا أيوب بعض بليتي
"فالناظم من جملة من خلق من نوره صلى الله عليه وسلم "
يتبع بحول الله وقوته
ـ[عبدالغفار بن محمد]ــــــــ[10 - 04 - 05, 12:53 ص]ـ
الأحاديث المنكرة في وصف الحمل والميلاد والمعتمدة في المولد
¥