تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"جرت العادة بأنه إذا ساق الوعاظ مولده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وذكروا وضع أمه له قام الناس عند ذلك تعظيما له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهذا القيام بدعة حسنة لما فيه من إظهار السرور والتعظيم له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل مستحبة لم غلب عليه الحب والإجلال لهذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وقد وجد القيام عند ذكر اسمه الشريف من عالم الأمة ومقتدى الأئمة دينا وورعا الإمام تقي الدين السبكي وتابعه على ذلك مشايخ الإسلام في عصره، قال الشامي والداودي: قد اتفق أن منشدا أنشد قصيدة ذي المحبة الصادقة حسان زمانه أبي زكريا الصرصري التي مدح بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منها قوله في مدح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب * على فضة من خط أحسن من كتب

وأن تنهض الأشراف عند سماعه * قياما صفوفا أو جثيا على الركب

أما الله تعظيما له كتب اسمه * على عرشه يا رتبة سمت على الرتب

وكان ذلك وقت ختم درسه والقضاة والأعيان بين يديه فلما وصل المنشد إلى قوله: وأن تنهض الأشراف عند سماعه .. إلى آخر البيت نهض الشيخ للحال قائما على قدميه امتثالا لما ذكره الصرصري وقام جميع من بالمجلس وحصل للناس ساعة طيبة وأنس كبير بذلك، ذكر ولده شيخ الإسلام أبو نصر عبدالوهاب في ترجمته من الطبقات الكبرى". قلت انظر الطبقات (10/ 208) وذكر أن الدرس كان ختمة بالجامع الأموي.

وقفات مع النبهاني

الوقفة الأولى:

صارت هذه العادة عند أهل الموالد عبادة وعقيدة لأجل حضور النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - موالدهم، وقد أثبتنا هذه العقيدة آنفا وذكرنا حضوره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لبعض الموالد زعموا. وقد صرحوا بعقيدة حضوره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في بعض موالدهم، ففي أحد الإحتفالات المسجلة على شريط صوتي قال المنشد:

عجبت لمن له عقل وفهم * يرى هذا الجمال ولا يقوم

وقال آخر:

وقد سن أهل العلم والفضل والتقى * قياما على الأقدام مع حسن إمعان

لتشخيص ذات المصطفى وهو حاضر * بأي مكان فيه يذكر بل دانففي هذه الأبيات تصريح واضح لا لبس فيه أن القيام في المولد هو لأجل زعمهم حضور النبي ? هذا المولد، ولنا مع هذه الأبيات وقفات عندما نتطرق لمقاله محمد علةي مالكي بخصوصها.

وإذا قام الناس في المولد شبكوا أيدي بعضهم ببعض، وأنشدوا بصوت واحد متمايلين يمنة ويسرة – أي رقص خفيف -: (مرحبا يا نور عيني مرحبا جد الحسيني) أو يقولون: (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع)، مما يشعرك بأن القيام لأجل هذا الحضور، وقد حضرت مولدا قبل 17 عاما وعند القيام قام أحدهم برش عطر على القائمين، كما أذكر أني حضرت مولدا قبل 30 عاما وأذكر أني سمعتهم يقولون (النبي بينا ياحاضرين.

الوقفة الثانية:

اعتراف النبهاني أن هذا القيام بدعة، ثم استحسنها، وتمادى واستحبه لمن غلب عليه الحب والإجلال له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وفي هذا قدح واستدراك على الصحابة رضي الله عنهم ولن يستطيع إنسان في الوجود المزايدة على حبهم له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومع ذلك لم يصدر منهم ما صدر من أهل المولد.

الوقفة الثالثة:

زعم النبهاني أن مشايخ الإسلام في عصر السبكي تابعوه على هذه البدعة، ولم يسم أحدا منهم.

وقفات مع الدكتور المالكي

جاء المالكي ليرسخ هذه العقيدة، وزعم أن الحضور لروحه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعلل لهذا الأمر الباطل بعلل واهية أبانت عن مشربه الصوفي، حيث قال في كتابه (حول الإحتفال بالموالد الشريف ص 25):

"…وأن روحه جوالة سياحة في ملكوت الله سبحانه وتعالى ويمكن أن تحضر مجالس الخير ومشاهد النور والعلم، وكذلك أرواح خُلّص المؤمنين من أتباعه".

ويتمادى المالكي في الإستدلال بما لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا قول صاحب أو تابع في استحسان القيام في المولد معللا البيت الثاني المذكور أعلاه، بقوله (ص 30):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير