تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"الوجه الخامس: قد يقال إن ذلك في حياته وحضوره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو في حالة المولد غير حاضر. فالجواب: إن قاريء المولد الشريف مستحضر له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتشخيص ذاته فهو عليه الصلاة والسلام قادم في العالم الجسماني من العالم النوراني من قبل هذا الوقت بزمن الولادة الشريفة وحاضر عند قول التالي: (فولد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) بحضور ظلي هو أقرب من حضوره الأصلي، ويؤيد هذا الإستحضار التشخيص والحضور الروحاني أنه عليه الصلاة والسلام متخلق بأخلاق ربه، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي (أنا جليس من ذكرني)، وفي رواية: (أنا مع من ذكرني)، فكان مقتضى تأسيه بربه وتخلقه بأخلاقه أن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حاضرا مع ذكره في كل مقام يذكر فيه بروحه الشريفة ويكون استحضار الذاكر ذلك موجبا لزيادة تعظيمه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". انتهى كلامه ولنا معه وقفات:

الوقفة الأولى: قوله: "إن روحه جوالة سياحة…إلخ" كلام يحتاج إلى دليل ثابت من الكتاب والسنة، ويرده كثرة مجالس الخير ومشاهد النور والعلم التي كانت بعده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حياة أصحابه رضي الله عنه وحتى نهاية القرون المشهود لها بالخيرية، ولم ينقل لنا أهل تلك الفترة ما زعمه المالكي حضور روحه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهذه المجالس والمشاهد، لكنها الصوفية دين الخرافة والبدع.

الوقفة الثانية:

تقيده استحضار وتشخيص ذات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقاريء المولد المليء بالأحاديث الواهية والموضوعة وبعض عقائد الصوفية، تنقيص لقراء القرآن وكتب السنة المشرفة والتي تحوي حياة سيد الخلق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ثم زعم حضوره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عند قول التالي ( .. فولد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .. )، أمر يدعو للعجب من هذه العقلية الخرافية، فياترى هل هذا مقيد بالمولد، أو لكل من قراء كتابا في السيرة، أو قرأ أحاديث الميلاد النبوي من أحد كتب السنة الشريفة.

الوقفة الثالثلة:

ثم زعم المالكي أنه عليه الصلاة والسلام قادم في العالم الجسماني من العالم النوراني ... وحاضر عند قول التالي: فولد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... الخ" هطرقة من المالكي، وتقرير لعقيدة خلق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من نور بزعمه قدومه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى العالم الجسماني من العالم النوراني. وهو كلام لا دليل عليه.

الوقفة الرابعة:

استدل المالكي لزعمه الباطل حضور روح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للمولد عند قول التالي: (فولد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .. ) لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (متخلق بأخلاق ربه) وبالحديث القدسي في زعمه (أنا جليس من ذكرني) وحديث آخر في الصحيحين (أنا مع من ذكرني)، مما يجعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمتلك قدرة ربه عزوجل في حضوره مجالس الذكر، وهنا أمران:

الأول: استدلاله على حضور روحه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للموالد بعبارة (متخلق بأخلاق ربه)، وهي مستقاة من حديث باطل نصه: (تخلقوا بأخلاق الله) قال عنه ابن القيم في المدارج (3/ 252) أنه أثر باطل، وهي أيضا من عبارت أقطاب التصوف جاءت على لسان ذي النون المصري كما في الحلية (9/ 376)، والسهروردي صاحب العوارف (فيض القدير 5/ 170)، كما ذكر في الفيض (2/ 482) عن ابن عربي قال: "سئل الجنيد عن المعرفة والعارف فقال لون الماء لون إنائه أي هو متخلق بأخلاق الله تعالى حتى كأنه هو وما هو هو".

والصحيح أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان خلقه القرآن، وقال عنه ربه عزوجل {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4).

وأيضا هناك مئات الإحتفالات تقام ليلة مولده، فكيف تحضر روحه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذه الموالد؟؟؟؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير