تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان االجواب الذي طرحته: أني إن قلت إن البرمجة ليست منهج حياة فهي مجرد علم كسائر العلوم وإن قلت منهج حياة فهي ليست فقط علم كسائر العلوم وإن قلت إن البرمجة ليست منهج حياة ولا علم كسائر العلوم فما قيمتها؟ وإن قلت أنها علم كسائر العلوم ومنهج حياة فهذه إشكالية أعظم لنا كمسلمين. وسواء كانت العلاقة بين الإثنين علاقة جزء من كل ( hyponymy) أو سبب ونتيجة ( cause-effect) أو وسيلة وغاية ( mean and purpose) فإن العلاقة العكسية لا زالت موجودة ولا يصح هنا ان نقول بانفصال العلاقة بين منهج الحياة كمستوى منطقي علوي والوسائل المؤدية والمغذية لهذا المنهج (ومنها العلم) كمستوى منطقى أدنى من السابق والمتخصصون في البرمجة يفهمون ما أقصده بمصطلح (المستويات المنطقية) ولا يمنع ان يوجد من غيرهم من له دراية بمعنى هذا المصطلح أيضاَ.

ولا زلت اتذكر القصة التي ذكرها لنا مدربي في دورات البرمجة (وهو من أهل الكفاءة والأمانة إن شاء الله وهومعروف بذلك ومشهورولا أزكيه على الله) والتي ذكر فيها أنه أتاه مجموعة من المتدربين الجدد وسألوه السؤال أعلاه:"هل البرمجة منهج حياة أم علم كسائر العلوم؟ " وبعد ذلك عبر لنا المدرب عن اندهاشه من هذا السؤال وأنه ما كان ينبغي أن يطرح لأن الجواب معروف حيث أن البرمجة لا يمكن ان تكون منهج حياة (وهو يتحدث بذلك باعتبار أنه مسلم يعبد الله). أما أنا فإني أفرق بين القول النظري بأن البرمجة لا يمكن ان تكون منهج حياة وقول ان البرمجة يمكن أن تصبح من حيث الواقع عند بعض الناس منهج حياة بالفعل. ولذلك فإني لا اندهش من تجرؤ السائلين بطرحهم هذا السؤال وسوف أبين لكم ذلك وكيف انهم لا يلامون على خوفهم واسترابتهم من البرمجة إلى هذا الحد.

إن الإشكالية التي قلما يتنبه لها بعض من مدربي البرمجة هي أن البرمجة يمكن ان تصبح عند بعض المستفيدين منهج حياة فيستبدل الذي هو أدنى (البرمجة) بالذي هو خير (الوسائل الشرعية) فتحل البرمجة محل الديانة من حيث لا يشعر المتدرب او المستفيد وغيرهم. والسبب في ذلك حقيقة خفية قد لا يسهل إدراكها من قبل بعض الناس وساهم في تعتيمها وإخفاؤها بعض مدربي البرمجة سامحهم الله في سياق دفاعهم المتحمس عن البرمجة وهي أن البرمجة اللغوية العصبية تتعاطى وتعالج وتباشر نفس المستوى المنطقي في النفس البشرية الذي تعالجه وتتعاطاه وتباشره الشريعة الإسلامية (المتخصصون في البرمجة يدركون معنى المستويات المنطقية) فالبرمجة تتعامل مع قضايا القيم والمعتقدات والسلوك، مع المفاهيم العميقة والتصور للحياة و طبيعة النفس الإنسانية وهي نفس القضايا التي تتعامل معها الشريعة الإسلامية وتخاطبها وتعالجها. لهذا السبب شكك كثيرون في البرمجة وارتابوا منها وأعتقد أن لديهم كامل العذر في ذلك واعتب كثيراً على بعض مدربي البرمجة الذين يقللون من شأن ردود الأفعال هذه ويشخصون المشكلة بأنها ناتجة عن الخوف من التغيير ورهبة مواجهة الجديد إلى غير ذلك من العبارات المسكنة. ولكن هذا تصرف أقرب ما يكون من دس النعامة رأسها في الرمل دون النظر في المشكلة وتحليليها كما يبنغي. الآن لدينا إنسان يتعامل مع قيمه ومعتقداته وسلوكه مفهومان مختلفان: البرمجة والشريعة، ومختلفان لأننا جميعا نتفق أنه لا يمكن أن تكون البرمجة كالشريعة في تعاملها مع نفس المستوى المنطقي للقيم والمعتقدات وإلا وقعنا في إشكال آخر. ولذلك يهرع بعض مدربي البرمجة إلى ضرب الأمثال والقياسات التي لا تصح لكي يحلوا هذه المعضلة فيقول أحدهم:" إن البرمجة ما هي إلا علم كسائر العلوم المفيدة التي وفدت علينا من الغرب: كالفيزياء والكيمياء والهندسة أخذناها من الغرب لنستفيد منها فلماذا ترفض يا هذا البرمجة وتقبل سائر العلوم مع انها من معين واحد؟ "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير