هذا ما ذكره الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - في تفسيره لسورة الكهف، في تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50):
" ....... (اسْجُدُوا) امتثالاً لأمر الله {إِلا إِبْلِيسَ} لم يسجد. وإبليس هو الشيطان ولم يسجد، بَيَّنَ الله سبب ذلك في قوله: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} فالجملة استئنافية لبيان حال إبليس أنه كان من الجن أي: من هذا الصنف وإلا فهو أبوهم.
{فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} أي: خرج عن طاعة الله تعالى في أمره، وأصل الفسوق الخروج، ومنه قولهم فسقت التمرة إذا انفرجت وانفتحت.
فإذا قال قائل: إن ظاهر القرآن أن إبليس كان من الملائكة؟
فالجواب: لا، ليس ظاهر القرآن؛ لأنه قال: {إِلا إِبْلِيسَ} ثم ذكر أنه {كَانَ مِنَ الْجِنِّ}، نعم القرآن يدل على أن الأمر توجه إلى إبليس كما قد توجه إلى الملائكة، ولكن لماذا؟ قال العلماء إنه كان - أي: إبليس - يأتي إلى الملائكة ويجتمع إليهم فوجه الخطاب إلى هذا المجتمع من الملائكة الذين خُلقوا من النور ومن الشيطان الذي خُلق من النار، فرجع الملائكة إلى أصلهم والشيطان إلى أصله، وهو الاستكبار والإباء والمجادلة بالباطل لأنه أبى واستكبر وجادل، ماذا قال لله؟ {قال أنا خيراً منه} [الأعراف: 12]، فكيف تأمرني أن أسجد لواحد أنا خير منه؟ ثم علل بعلة هي عليه قال: (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (لأعراف: من الآية 12). وهذا عليه فإن المخلوق من الطين أحسن من المخلوق من النار، المخلوق من النار، خلق من نار محرقة ملتهبة فيها علامة الطيش تجد اللهب فيها يروح يميناً وشمالاً، ما لها قاعدة مستقرة، ولقد ذكر ابن القيم - - في كتابه "إغاثة اللهفان" فروقاً كثيرة بين الطين وبين النار، ثم على فرض أنه خلق من النار وكان خيراً من آدم أليس الأجدر به أن يمتثل أمر الخالق؟ بلى، لكنه أبى واستكبر".
انتهى.
بارك الله فيكم.
ـ[خالد صالح]ــــــــ[31 - 08 - 06, 03:41 ص]ـ
جزاكم الله خيراً.
ـ[المعلمي]ــــــــ[03 - 06 - 07, 02:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعتقد أن هذا الموضوع يحتاج إلى تحرير أعمق مما سبق!!!
فإن لم يكن إبليس من الملائكة لم يلزمه الأمر التكليفي بالسجود، لأنه خاص بجنس الملائكة كما هو ظاهر الآيات في تضاعيف الكتاب العزيز!!!
وإن كان منهم لزم تأويل قوله تعالى (كان من الجن ففسق عن أمر ربه)!!
فربما قد لا يكون الجِنّة قسماء للملائكة ولا يقبح اجتماعهم بهم تحت جنس واحد كما هي الحيوانية بالنسبة للإنسان والحيوان ..
فالنار والنور بينهما اجتماع وافتراق!
وإن كان لا يستقيم ذلك مع في صحيح مسلم إلا بتنزل؟
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[07 - 07 - 08, 10:42 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ولم يكن في المأمورين بالسجود أحد من الشياطين، لكن أبوهم إبليس كان مأموراً فامتنع وعصى.
وجعله بعض الناس من الملائكة لدخوله في الأمر بالسجود، وبعضهم من الجن، لأن له قبيلاً وذرية، ولكونه خلق من نار، والملائكة خلقوا من نور.
والتحقيق أنه كان منهم باعتبار صورته، وليس منهم باعتبار أصله، ولا باعتبار مثاله " (مجموع الفتاوى4/ 346).