تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إذا كنت من رواد مجالس العزاء .. فهنا تقبل التعزية!]

ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[13 - 04 - 05, 08:34 م]ـ

التجلية، لِحُكْم الجلوس للتعزية

الحمد لله المحيي المميت، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد و على آله و أزواجه أمّهات المؤمنين، أمّا بعد:

فقد استقرّت في أذهان الكثير من النّاس أمورٌ يظنون أنها من الدّين، وأنّهم يتقرّبون إلى الله بفعلها، فهم يتنافسون فيها ويَعِيبُون على من قصّر فيها، ثم لا يَجِدُون من يخالفهم بشأنها، فتصير من المسلّمات التي لا مجال للحديث فيها. وتمضي الأيّام فإذا هذه الأمور قد أصبحت من عقائد الناس و أُقحمت عُنوة في الشريعة، مع أن الشريعة قد جاءت بخلافها، و لكنّ الناس بدّلوا و غيّروا ..

ومن هذه الأمور (جلسة التعزية) أو ما يسمّى في بلاد الشام بـ (التمساية للرجال و العصريّة للنساء) وسأعرض لك، أخي المؤمن، الأحكام الشرعيّة التي أمرنا الله بها، وبيّنها لنا رسوله صلى الله عليه وسلّم ونصّ عليها جميع علماء المسلمين على اختلاف مدارسهم الفقهيّة، بخصوص هذا الأمر، ليظهر لك البون الكبير بين ما أمرنا الله به و ما يفعله الناس في زماننا هذا. و قبل الشروع في هذا العرض سأقدم بين يديه بياناً موجزاً لما كان يفعله العرب في الجاهلية عند الموت و بعد الدفن:

ـ روى رزين عن عبد الرزاق، و أبو داود عن أنسٍ قال: (كانوا في الجاهلية يَعْقِرون عند القبر بقرة، أو ناقة، أو شاة ً، و كانوا يسمّون العقيرة: البَليِّة، فلمّا جاء الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: لا عَقْر في الإسلام). وهو حديث صحيح.

و العَقْرُ: ضرب قوائم الفرس أو البعير بالسيف وهو قائم فيسقط، و كذلك كانوا يفعلون في الجاهلية عند قبر الميّت، ويقولون: إنّ صاحب القبر كان يعقر للأضياف فنحن نفعل كذلك في موته كما كان يفعله في حياته.

و البليّة: هي النّاقة التي كانت تُعقَل في الجاهليّة عند قبر صاحبها، فلا تُعلف و لا تسقى إلى أن تموت أو يحفرون لها حُفيرة و يتركونها فيها إلى أن تموت، لأنهم كانوا يزعمون أن الناس يحشرون يوم القيامة ركباناً على البلايا، إذا عُقلَت مطاياهم عند قبورهم.

انظر جامع الأصول لابن الأثير ج 9صـ141.

و كانوا يضربون الخدود، ويشقّون الجيوب [1] عند مصيبة الموت؛ فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك و قال: (ليس منّا من شقَّ الجيوب، و ضرب الخدود، و دعا بدعوة الجاهليّة).

رواه البخاري ومسلم.

و كانوا يقطّعون أثوابهم، ويحلقون شعورهم، و يرفعون أصواتهم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك و قال: (ليس منّا من حَلَقَ، ومن سَلَقَ، ومن خَرَقَ) رواه مسلم و أبو داود.

و كانوا يُتبِعون الجنازة بنار و أصوات فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك فقال: (لاتُتْبِعوا الجنازة بصوت و لا نار) رواه مالك و أبو داود.

وكانت النساء يمشين مع الجنازة فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك كما في حديث عليّ رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإذا نسوةٌ جُلوس. فقال " ما يجلسكنّ؟ " قُلن ننتظر الجنازة. قال "هل تغسلْن؟ " قُلْنَ: لا. قال " هل تَحمِلْن؟ " قُلْنَ: لا. قال " هل تُدْلِينَ فيمن يُدْلي؟ " قُلْنَ: لا قال: (فارجعْنَ مأزوراتٍ غير مأجورات). رواه ابن ماجه وهو صحيح كما قال البوصيري في الزوائد.

و كانوا ينوحون على الميّت فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك كما في حديث أمّ عطيّة قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهانا عن النّياحة) رواه البخاري ومسلم.

و النّياحة: الصّياح و البكاء على الميّت، وكذلك ذِكْر مآثره و عَدُّ شمائله ولو بدون بكاء؛ قال أبو الطيّب العظيم آبادي: " يُقال ناحت المرأة على الميت إذا نَدَبَتْهُ أي بكت عليه و عددت محاسنه " ا. هـ عون المعبود ج 6صـ37

و قد قال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: (منْ نِيحَ عليه فإنّه يُعذَّبُ بما نِيحَ عليه يوم القيامة) رواه مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير