تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل قال شارحه السندي: قوله:" كنا نعدّ الاجتماع .. هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة، أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلّم، وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجّة .. "

وأمّا تضعيف الأخ ظافر للحديث بكل طرقه فلا يمكن أبداً، قد يضعّف أحد طرقه، أمّا أصل الحديث وبكل طرقه فهذا غير ممكن وغير مقبول وفيه خروج على قواعد علم الحديث، وعلى إجماع أئمة هذا الشأن. ولبيان ذلك أقول:

أولاًـ إن حديث الطبراني بمفرده كاف وواف، وهو:

2278 حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا سعيد بن سليمان عن عباد بن العوام عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: ....... الحديث

وهذا إسناد في غاية الصحة

ثانياً ـ بالنسبة لتدليس هشيم فهذا مُسلّم به، ولكن ما هي رتبة هذا الإسناد إن سلمنا أن هشيم قد دلس فيه، خاصة وأن شيخ هُشيم الذي دلسه قد عُرف وهو شريك بن عبد الله القاضي.

قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق يخطىء كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً فاضلاً عابداً شديداً على أهل البدع.

وقال الذهبي: .. أحد الأعلام وثقه ابن معين، وقال غيره سيء الحفظ، وقال النسائي: ليس به بأس، هو أعلم بحديث الكوفيين من الثورى قاله ابن المبارك.

وهذا يعني أن هذا الإسناد يصلح للاعتبار عند جميع المحدثين المتشددين منهم وغيرهم، والغريب أن الأخ ظافر قد أهمل الحديث ولم يجعل له أي اعتبار.

ثالثاً ـ يقول الأخ ظافر: إن الدارقطني أعلَّ إسناد عباد بن العوام، ولا أعلم كيف فهم هذا من كلام الدارقطني، فمن المعلوم لمن طالع في كتاب علل الدارقطني أن الدارقطني يتكلم فيه على الأحاديث والأسانيد على وجه عام فيصحح تارة ويضعّف أخرى، ويتكلم على الرجال فيضعّف تارة ويوثق أخرى .... .

ولم يقل أحدٌ من أهل العلم أن مجرد مرور ذكر إسناد أو حديث في علل الدارقطني هو إعلالٌ لهذا الحديث منه، خاصة إذا كان إيراد الإسناد، كما في حالتنا هذه، في معرض تبيين أصل الحديث، ورواياته، أو ما صح من أسانيده أو بذكر المخالف، أو رجحان الآخر ... .

فلماذا الطعن في إسناد عباد بن العوام، وهو إسناد صحيح بلا خلاف؟!، وطريقه مغايرة لطريق هشيم!! ولماذا إلصاق هذا الطعن بالإمام الدارقطني وهو منه بريء؟؟

وإليكم عبارة الدارقطني التي ساقها الأخ ظافر قال:

" .. وأعله الدارقطني (كذلك)، فقد سئل عن حديث قيس عن جرير رضي الله عنه: (كانوا يرون الاجتماع إلى أهل الميت، وصنع الطعام من النياحة) فقال: يرويه هُشيم بن بشير واختلف عنه فرواه سريج بن يونس والحسن بن عرفة عن هُشيم عن إسماعيل عن قيس عن جرير، ورواه خالد بن القاسم المدائني. (قيل: ثقة؟، قال ـ أي الدارقطني ـ: لا أضمن لك هذا. خرجوه عن هُشيم عن شريك عن إسماعيل، ورواه أيضا عباد بن العوام عن إسماعيل كذلك.

والسؤال: أين ذكر إعلال هذا الحديث في كلام الدارقطني؟؟؟

أرجو من الأخ ظافر أن يعيد النظر في هذه المسألة.

وكذلك فإن قول الأخ ظافر إن النياحة يكون فيها أمران مجتمعان:

الاجتماع للعزاء وصنعة الطعام، ولا تكون بواحد منهما منفرداً، وهذا بعيد لأن قول جرير البجلي: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة "

ليس يلزم منه إقترانهما ضرورة. وهذا ما فهمه العلماء في جميع المذاهب وقد نقلتُ بعض أقوالهم في رسالتي. وبدليل تفريقهم بين ذكر الإطعام وبين النياحة:

جاء في مصنف عبد الرزاق

باب الصبر والبكاء والنياحة. ثم روى

6689 عبد الرزاق عن الثوري عن هلال بن خباب عن أبي البختري قال: الطعام على الميت من أمر الجاهلية، وبيتوتة المرأة عند أهل الميت من أمر الجاهلية، والنياحة من أمر الجاهلية.

وهذا إسناد حسن.

وجاء في مصنف ابن أبي شيبة

ما قالوا في الإطعام عليه والنياحة. ثم روى

11346 حدثنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن هلال بن خباب عن أبي البختري قال: الطعام على الميت من أمر الجاهلية، والنوح من أمر الجاهلية.

وهذا إسناد حسن كما سبق.

ثمّ ختم الأخ ظافر رسالته بهذه النتيجة:

الراجح في هذه المسألة:

الذي ترجح لي في هذه المسألة هو القول الأول، فلا بأس بالجلوس لاستقبال المعزين وذلك بشروط:

أ- أن يخلو المجلس من المنكرات، والبدع.

ب- ألاَّ يكون فيه تجديد للحزن، وإدامة له.

ت- ألاَّ يكون فيه تكلفة مالية على أهل الميت، وإثقال عليهم.

د- ألاَّ يصاحب الجلوس نياحة، أو تسخط، أو جزع.

هـ- ألاَّ يطيل المعزي المكث عند أهل الميت، حتى لا يفضي ذلك إلى الإثقال عليهم.

ز- ألا يكون في جلوسه تضييع لمصالحه الشخصية، أو لمصالح المسلمين.

فإذا كان مجلس العزاء خالياً من هذه المحاذير فالجلوس فيه مباحٌ لا بأس به. والله ـ تعالى ـ أعلم.

يا أخ ظافر ولمّا كانت مجالس العزاء لا تخلو عن واحدة من هذه المحاذير ألم يكن من الأولى ترجيح القول الثاني (الذي عليه كل المذاهب السلفية والخلفية)

في منع هذه المجالس. ولكنني أجدك قد أخذت بحديث عائشة فضخّمته جداً ثم رحت تبطل به حجج كل العلماء وأخبار السلف وفتاوى المذاهب وهو لا يحتمل ذلك. أرجو من الأخ ظافر أن يكون صدره رحباً ويتسع لما أقول. وفي الحقيقة أنني كنت أتمنى أن أقع في رسالتك على أمر يمكنني به أن أترخّص في هذا الأمر الذي يسبب لي ضغطاً اجتماعياً ولكنني لم أجد.والسلام عليكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير