[هل يمرر جميع أحاديث سنن أبي داود على ما رسمه في رسالته إلى أهل مكة:]
ـ[أبو محمد السعوي]ــــــــ[17 - 04 - 05, 02:05 م]ـ
: هل يمرر جميع أحاديث سنن أبي داود على ما رسمه في رسالته إلى أهل مكة:
وأبو داود هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني (ت 275هـ):، أحد الأئمة الذين جعل الله لهم قبولاً في قلوب الناس، الذي قال فيه محمد بن إسحاق الصاغاني، وإبراهيم الحربي لما صنف " كتاب السنن": ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد. (1)
وهو أول من صنف في " السنن " الذي عُد أحد الأصول السبعة التي عليها مدار حديث رسول الله ?، ولذا قال بعض الأئمة: إن كتابه كافٍ للمجتهد. (2)
وقد أبان أبو داود الخطوط العريضة في منهجه في إيراد الأحاديث في رسالته إلى أهل مكة، وغيرها، جواباً لهم عن سؤالهم له في وصف السنن، وجاءت هذه الرسالة بوصف عام للسنن، وبكلمات معدودة؛ ولهذا جاءت بمسائل أشكلت على كثير من علماء هذا الفن في قديم الزمان وحديثه؛ فالبعض يريد أن يمرر جميع أحاديث السنن على ما في الرسالة من منهج، وأن ما في هذه الرسالة على ظاهرها؛ فمن ذلك أن أبا داود قال في " رسالته" (ص 27): " ما كان فيه من وهن شديد بينته، ومنه ما لا يصح سنده، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح ".
فاختلفوا فيما بينهم في معنى كلام أبي داود هذا. هل جميع أحاديث السنن التي هي شديدة الضعف قد بينها أبو داود أم لا؟ واختلفوا ـ أيضاً ـ في معنى ما سكت عنه فهو صالح. هل هو صالح للحجة فقط، أو أنه صالح للحجة أو للاستشهاد أو للمتابعة. (3)
فهذا من المسائل المشكلة الواردة في هذه الرسالة التي لا يمكن حمل كلام أبي داود على ظاهره. (4)
فذهب كثير من أهل هذا الفن لاسيما النقاد منهم إلى عدم إمرار جميع أحاديث السنن على ما في الرسالة، وأن ما في الرسالة لا يمكن تطبيقها على آحاد أحاديث السنن؛ لأن أبا داود أراد بهذه الرسالة حكماً عاماً على أحاديث السنن، ولم يرد أن كل حديث بعينه يندرج تحت أحد قواعد هذه الرسالة.
ومما يؤيد عدم تطبيق ما في هذه الرسالة على آحاد أحاديث السنن؛ أن بين نسخ هذه الرسالة اختلافاً، فبعض النسخ فيها ما ليس في الأخرى، أو أن المعنى في نسخة يختلف عما في الأخرى. (5)
وأن روايات كتاب السنن كثيرة، وبينها اختلاف من زيادة ونقص، وتقديم وتأخير، وجمع وتفريق؛ بل إن نُسخ الرواية الواحدة فيها من هذا القبيل.
فبعض الروايات تزيد بذكر كتب وأبواب عن الأخرى، وينقصها بعض الكتب والأبواب، وكذلك في بعض نسخ الراوية الواحدة (6).
والاختلاف في ترتيب الأحاديث داخل الباب يظهر بجلاء بين هذه الروايات والنسخ.
قال ابن كثير " اختصار علوم الحديث" (ص 39):" الروايات عن أبي داود بكتابه " السنن " كثيرة جداً، ويوجد في بعضها من الكلام، بل والأحاديث، ما ليس في الأخرى".
فيتعين على الباحث عند دراسة أحاديث السنن؛ أن يدرس كل حديث على حده، مع الاستفادة مما في هذه الرسالة، دون تعميمها على جمع أحاديث السنن.
===========
1ـ " تهذيب الكمال " (11/ 355، 365)، و " سير أعلام النبلاء " (13/ 203).
2_ " مقدمة غاية المقصود " لشمس الحق العظيم آبادي (1/ 28)، " الرسالة المستطرفة " (ص 11).
3ـ " النكت على كتاب ابن الصلاح " (1/ 444)، و " البحر الذي زخر " (3/ 1081).
4ـ انظر " مقدمة ابن الصلاح " (ص 36) و، " التقيد والإيضاح " للعراقي (ص 48)، و" النكت على مقدمة ابن الصلاح " لابن حجر (1/ 343،444)، و " البحر الذي زخر " للسيوطي (3/ 1081، 1108).
5ـ ـ انظر " النكت على كتاب ابن الصلاح " (1/ 432) مقارن مع " اختصار علوم الحديث " لابن كثير (ص 39).
6ـ ـ انظر رسالة تركي الغميز " الأحاديث التي أشار أبو داود في سننه إلى تعارض الوصل والإرسال فيها "لم تطبع (ص 37).