التّسليمة الأولى للخروج من الصّلاة حال القعود فرض عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة. وزاد الحنابلة فرضيّة الثّانية أيضاً إلاّ في صلاة جنازة ونافلة، لأنّ الجزء الأخير من الجلوس الّذي يوقع فيه السّلام فرض.
ولا بدّ من نطق: " السّلام عليكم " بالعربيّة بتقديم " السّلام " وتأخير " عليكم " وهذا للقادر على العربيّة، ولا يكفي الخروج بالنّيّة ولا بمرادفها من لغة أخرى، وأمّا العاجز عن العربيّة فيجب عليه الخروج بالنّيّة قطعاً، وإن أتى بمرادفها بالعجميّة صحّ على الأظهر، قياساً على الدّعاء بالعجميّة للقادر على العربيّة. والأفضل كون السّلام معرّفاً بأل.
لخبر «تحريمها التّكبير وتحليلها التّسليم» فقوله: «تحليلها التّسليم» أي لا يخرج من الصّلاة إلاّ به، ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم «كان يسلّم من صلاته عن يمينه: السّلام عليكم ورحمة اللّه حتّى يُرى بياضُ خدّه الأيمن، وعن يساره: السّلام عليكم ورحمة اللّه حتّى يُرى بياضُ خدّه الأيسر». ولحديث عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسلّم عن يمينه وعن يساره حتّى أرى بياض خدّه» ولأنّه صلى الله عليه وسلم كان يديم ذلك ولا يخلّ به وقال: «صَلُّوا كما رأيتموني أصلّي».
وأقلّ ما يجزئ في التّسليم عند الشّافعيّة والحنابلة قوله: " السّلام عليكم " مرّةً عند الشّافعيّة، ومرّتين عند الحنابلة كما سبق، وأكمله " السّلام عليكم ورحمة اللّه " يميناً وشمالاً ملتفتاً في الأولى حتّى يرى خدّه الأيمن، وفي الثّانية حتّى يرى خدّه الأيسر، ناوياً السّلام عمّن عن يمينه ويساره من ملائكة وإنس وصالح الجنّ.
وينوي الإمام أيضاً - زيادةً على ما سبق - السّلام على المقتدين، وهم ينوون الرّدّ عليه وعلى من سلّم عليهم من المؤمنين، فينويه المقتدون عن يمين الإمام عند الشّافعيّة بالتّسليمة الثّانية، وعن يساره بالتّسليمة الأولى. ولحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن نردّ على الإمام، وأن نتحابّ، وأن يسلّم بعضنا على بعض»
وقال الحنفيّة: الخروج من الصّلاة بلفظ السّلام ليس فرضاً، بل هو واجب. لأنّ «النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا علّم ابن مسعود رضي الله عنه التّشهّد قال له: إذا قلتَ هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد» فلم يأمره بالخروج من الصّلاة بالسّلام، وأيضاً فإنّ الفرض في آخر الصّلاة هو القعود بمقدار التّشهّد عندهم. لخبر أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحدث - يعني الرّجل - وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلّم فقد جازت صلاته».
والواجب عندهم تسليمتان: الأولى عن يمينه، فيقول: " السّلام عليكم ورحمة اللّه " ويسلّم عن يساره كذلك، لما روى ابن مسعود رضي الله عنه «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسلّم عن يمينه حتّى يبدو بياض خدّه وعن يساره حتّى يبدو بياض خدّه». وينوي في التّسليمة الأولى التّسليم على من على يمينه من الرّجال والنّساء والحفظة،وكذلك في الثّانية.
وأقلّ ما يجزئ في لفظ السّلام مرّتين عند الحنفيّة " السّلام " دون قوله " عليكم ".
وأكمله وهو السّنّة أن يقول: " السّلام عليكم ورحمة اللّه " مرّتين.
وتنقضي الصّلاة بالسّلام الأوّل عند الحنفيّة.
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[20 - 04 - 05, 09:29 م]ـ
خانا الحبيب مصطفى ججزاكم الله خيرا على دعاءكم ولكم مثل ذلك
وأحسنتم على التوضيح
قلتم الصنعاني في البدائع والظاهر أنه سبق قلم صوابه الكاساني
وبالنسبة للنقل الأخير من الموسوعة أن الحنفي يخرج من الصلاة بالتسليمة الأولى
هو قول عند الحنفية ولا أذكر من قال به غير أنه مرجوح
وكنت كتبته في أول مشاركة في هذا الموضوع من غير جزم بمن قال به ثم حذفته
أخانا وجارنا الشامي الحبيب عبد الرحمن
أهلا وسهلا بكم بين إخوانكم
أجيبكم على ما طلبتم إن شاء الله
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[20 - 04 - 05, 11:21 م]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا أبابكر
لا أصدق أنني كتبت (الصنعاني) حتى رأيت تعقيبكم المبارك.
نعم يا أخي الكاساني في البدائع (1/ 688 - 689) ط دار الكتب العلمية تحقيق الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود.
محبكم / مصطفى
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 12:05 ص]ـ
ابن القيم أنكر كل الأحاديث التي وردت في التسليمة الواحدة وذلك في كتاب ((إعلام الموقعين)).
وأشار من غير توسع إلى نكارتها في ((الزاد)) أيضاً.
وأقول بأن الشيخ الألباني رحمه الله كان يقول بعد أن بحث في أحاديث التسليم, بأن التسليم من الصلاة على أربعة أشكال:
الأول: عن الجهتين بلفظ ((السلام عليكم ورحمة الله)).
الثاني: عن الجهتين عن اليمين بلفظ ((السلام عليكم ورحمة الله)) وعن اليسار لفظ ((السلام عليكم)).
والثالث: عن الجهتين عن اليمين بلفظ ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) وعن اليسار لفظ ((السلام عليكم ورحمة الله)).
الرابع: عن اليمين فقط, وكان يقول بأن الوجه لا يكون لليمين تماماً أو بالكلية ولا للقبلة ولكن بين هاتين.
هذا والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
¥