تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عندما ولد النبي صلى الله عليه وسلم]

ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[21 - 04 - 05, 12:21 م]ـ

http://www.a-falasi.com/download/1113899526.jpg

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

إن محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أصوله، وأجل قواعده، بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين، فإن كل حركة في الوجود إنما تصدر عن محبة، إما عن محبة محمودة، أو عن محبة مذمومة، فجميع الأعمال الإيمانية الدينية لا تصدر إلا عن المحبة المحمودة، وأصل المحبة المحمودة هو محبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة العبد لله لا تكمل؛ إلا بأن يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله (1).

ولما كان من المشاهد كثرة الدعاوى في هذا الباب حيث لا يوجد منتسب إلى الإسلام؛ إلا وهو يدعى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأوليائه، مما يجعلنا نبحث عن المظاهر والعلامات الحقيقية التي تؤكد لنا مدى صدق كل شخص في دعواه المحبه، ومن أهم مظاهر المحبة الشرعية (2):

1) أن يكون الله عز وجل أحب شيء إلى العبد، وتعرف هذه المحبة بالعلامات التالية:

أ. أن تسبق محبة الله إلى القلب كل محبة.

ب.أن تكون محبة غيره تابعة لمحبته، فيكون هو المحبوب بالذات والقصد الأول، وغيره محبوباً تابعاً لحبه كما يطاع تباعاً لطاعته، فهو في الحقيقة المطاع المحبوب.

2) طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وتقديمها على طاعة كل أحد، وإن كان أحد الوالدين، أو أكثر المشايخ مهابة وجلالة في العيون، وإن كان النفس والهوى، قال تعالى: ?قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ? [آل عمران: 31]. فهذه الآية هي الميزان التي يعرف بها من أحب الله حقيقة، ومن ادعى ذلك دعوى مجردة، فمن ادعى محبة الله، ولم تظهر ذلك في طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فدعواه كاذبه.

تلك أهم مظاهر محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأكبر سمات المحبين المحقين، وهي بمثابة الميزان والمحك الذي يمكن به التمييز بين مدعي المحبة وهو كاذب، وبين من ادعاها وهو صادق.

إذاً محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تقتضي فعل محبوباته، وترك مكروهاته، والناس تتفاضل في هذا تفاضلاً عظيماً، فمن كان أعظم نصيباً من ذلك كان أعظم درجة عند الله، ومن كان أقل نصيباً كان ذلك سبباً في نزول درجته ومنزلته، وأما من كان غير متبع لسبيل النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يكون محباً لله سبحانه وتعالى (3).

وينقسم الناس في محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام (4)، هي:

القسم الأول: أهل الإفراط:

وهم الذين بالغوا في محبتهم بابتداعهم أموراً لم يشرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ظناً منهم أن فعل هذه الأمور علامة المحبة وبرهانها.

القسم الثاني: أهل التفريط:

وهم الذين قصروا في تحقيق هذا المقام، فلم يراعوا حقه صلى الله عليه وسلم في وجوب تقديم محبته على محبة النفس، والأهل، والمال، كما لم يراعوا ما له من حقوق أخرى، كتعزيره، وتوقيره، وإجلاله، وطاعته، واتباع سنته، والصلاة والسلام عليه إلى غير ذلك من الحقوق العظيم الواجبة له.

القسم الثالث: أهل الوسط بين الإفراط والتفريط:

وهم السلف من الصحابة، والتابعين، ومن سار على نهجهم، الذين آمنوا بوجوب هذه المحبة حكماً، وقاموا بمقتضاها اعتقاداً، وقولاً، وعملاً. فأحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فوق محبة النفس، والولد، والأهل، وجميع الخلق، امتثالاً لأمر الله، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا أولى بهم من أنفسهم تصديقاً لقوله تعالى: ?النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير