1) قال الشاطبي في ((الاعتصام)) بعد أن عرف البدعة بأنها:طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه: (وقوله في الحد: [تضاهي الشرعية]، يعني: أنها: أنها تشابه الطريقة الشرعية، من غير أن تكون في الحقيقة كذلك، بل هي مضادة لها من أوجه متعددة، منها: وضع الحدود كالناذر للصيام قائماً لا يقعد، ضاحياً لا يستظلّ والاختصاص في الانقطاع للعبادة، والاقتصاد من المأكل والملبس على صنف من غير علَّة.
ومنها: التزام الكيفيات والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وما أشبه ذلك ... إلخ) (13) أ. هـ.
2) وقال ابن الحاج في ((المدخل)): (فصل في المولد: ومن جملة ما أحدثوه من البدع، مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات، وأظهر الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد، وقد احتوى على بدع ومحرمات جملة) (14) أ. هـ.
3) وقال تاج الدين عمر بن علي اللخمي المشهور بالفاكهاني: (لا أعلم لهذا المولد أصلاً في الكتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكَّالُون) (15) أ. هـ
الخاتمة
وفي الختام، أذكر أهم النتائج التي توصلت إليها بعد هذا العرض، وهي كالتالي:
1) إن محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم الواجبات، وأكبر أصوله، وأجل قواعده.
2) من أهم مظاهر المحبة الشرعية:
أ. أن يكون الله عز وجل أحب شيء إلى العبد.
ب. طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمها على طاعة كل أحد.
3) ينقسم الناس في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام:
أ. أهل إفراط: وهم أهل الغلو في محبته صلى الله عليه وسلم.
ب. أهل تفريط: وهم الذين لم يراعوا حقوقه صلى الله عليه وسلم.
ج. أهل الوسط، وهم الذين آمنوا بوجوب هذه المحبة حكماً، وقاموا بمقتضاها اعتقاداً، وقولاً، وعملاً.
4) ولد الرسول صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة، وأول من أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب، وكانت حاضنته أم أيمن، وما يروى من قصص وأخبار أخرى عن ولادته، لم تثبت صحتها.
5) اختلف علماء السير في تحديد تاريخ ولادته صلى الله عليه وسلم، والراجح هو 8 من ربيع الأول.
6) أول من احتفل بالمولد هم الفاطميون في القرن الرابع عشر.
7) لقد دلت آيات القرآن الكريم، وأحاديث السنة النبوية على بدعة الاحتفال بالمولد النبوي.
8) أي عقل يدعون للاحتفال بالمولد النبوي، ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة، ولا التابعين، بل لم يتحفل بمولده إلا بعد مرور 400 عام.
9) عند اختلاف العلماء في مسألة، فلابد من رد التنازع إلى الكتاب، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والعبرة بمن وافق الدليل، وليس العبرة بكثرة الأقوال، والرجال.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهوامش:
(1) مجموعة الفتاوى [10/ 49 و 206].
(2) انظر: تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي [2/ 210 - 214]، ومدارج السالكين [2/ 183 و 3/ 22 وما بعدها].
(3) انظر: مجموعة الفتاوى [18/ 316]، وحقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة [1/ 285].
(4) حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته [1/ 289 - 299] بتصرف.
(5) روضة الأنوار في سيرة النبي المختار صلى الله عليه وسلم، ص5.
(6) انظر: الرحيق المختوم، ص71، وروضة الأنوار ص9 - 10، والسيرة النبوية الصحيحة، [1/ 98].
(7) انظر: السيرة النبوية لابن هشام [1/ 195]، وسير أعلام النبلاء – السيرة النبوية – المعروف بتاريخ الإسلام [1/ 33 - 37]، والملف العلمي للمولد النبوي، موقع المنبر للخطب: http://www.alminbar.net/malafilmy/maulud/1/4.htm
(8) انظر: المولد النبوي تاريخه، حكمه، آثاره، أقوال العلماء فيه على اختلاف البلدان والمذاهب، لناصر بن يحيى الحنيني، موقع صيد الفوائد.
وحقيقة الاحتفال بالمولد النبوي، لعبد الرحمن عبد الخالق، موقع صيد الفوائد.
و القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل، لإسماعيل الأنصاري ص64 - 72.
والمواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، لتقي الدين المقريزي، [1/ 490].
وأحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام، لمحمد بن بخيت المطيعي، ص44.
والإبداع في مضار الابتداع، لعلي محفوظ، ص251.
والبدع الحولية، لعبد الله التويجري، ص136 وما بعدها.
(9) انظر: حكم الاحتفال بالمولد النبوي، لعبد العزيز بن باز، موقع صيد الفوائد.
وحكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي، لصالح الفوزان، موقع صيد الفوائد.
والبدع الحولية، لعبد الله التويجري، ص 199 - 200.
(10) رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (43) و (44).
(11) رواه البخاري (2697).
(12) رواه مسلم (1718).
(13) الاعتصام (1/ 39).
(14) المدخل (2/ 2 - 10).
(15) الحاوي للسيوطي (1/ 190 - 192). [/ align]