ولم يثبت انه فلك مستدير مطلقًا، بل ثبت انه فوق الأفلاك وان له قوائم، كما جاء في الصحيحين عن ابي سعيد قال: جاء رجل من اليهود الى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد لُطِم وجهُه فقال: يامحمد، ان رجلا من اصحابك لَطم وجهى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ادعوه) فدعوه. فقال: (لم لطمتَ وجهَه؟) فقال: يارسول اللّه، اني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفي موسى على البشر، فقلت: يا خبيث، وعلى محمد، فاخذتني غضبة فلطمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخيروا بين الأنبياء، فان الناس يُصعَقون يوم القيامة، فاكون اول من يفيق، فاذا انا بموسى اخذ بقائمة من قوائم العرش فلا ادري افاق قبلي ام جُوزِى بِصَعْقَة الطور؟).
وفي [علوه] قوله صلى الله عليه وسلم: (اذا سالتم اللّه فاسالوه الفردوس، فانه وسط الجنة واعلاها، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر انهار الجنة).
فقد تبين بهذه الأحاديث انه اعلى المخلوقات وسقفها، وانه مقبب وان له/ قوائم، وعلى كل تقدير فهو فوق، سواء كان محيطًا بالأفلاك او غير ذلك، فيجب ان يعلم ان العالم العلوي والسفلى بالنسبة الى الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ في غاية الصغر؛ لقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية [الأنعام: 91، الزمر: 67].
فالجهات الستة موجودة في كل مخلوق الا انها نسبية
ولكن صغر حجم الارض في السماء الدنيا وصغر حجم الموات السبع بالنسبة للكرسي وصغر الكرسي نسبة الى العرش جعل الجهة الارضية غير معتبرة.
قال شيخ الاسلام.
وقد يظن
بعض
الناس أن ما جاءت به الآثار النبوية من ان العرش سقف الجنة وان
الله على عرشه مع ما دلت عليه من ان الافلاك مستديرة متناقض او مقتض
ان يكون الله تحت بعض خلقه كما احتج بعض الجهمية على انكار
ان يكون الله فوق العرش باستدارة الافلاك وان ذلك مستلزم كون الرب
اسفل وهذا من غلطهم فى تصور الامر ومن علم ان الافلاك مستديرة
وان المحيط الذى هو السقف هو اعلى عليين وان المركز الذي هو
باطن ذلك وجوفه وهو قعر الارض هو سجين واسفل سافلين علم من مقابلة
الله بين اعلى عليين وبين سجين مع ان المقابلة انما تكون فى الظاهر
بين العلو والسفل او بين السعة والضيق وذلك لان العلو مستلزم للسعة
والضيق مستلزم للسفول وعلم ان السماء فوق الارض مطلقا لا يتصور
ان تكون تحتها قط وان كانت مستديرة محيطة وكذلك كلما علا كان
ارفع واشمل وعلم ان الجهة قسمان قسم ذاتى وهو العلو والسفول فقط
وقسم اضافى وهو ما ينسب الى الحيوان بحسب حركته فما امامه فتاوى ابن تيمية ج25/ص196
يقال له امام وما خلفه يقال له خلف وما عن يمينه يقال له اليمين وما عن
يسرته يقال له اليسار وما فوق رأسه يقال له فوق وما تحت قدميه يقال
له تحت وذلك امر اضافي ارأيت لو ان رجلا علق رجليه الى السماء ورأسه
الى الارض اليست السماء فوقه وان قابلها برجليه وكذلك النملة او
غيرها لو مشى تحت السقف مقابلا له برجليه وظهره الى الارض لكان
العلو محاذيا لرجليه وان كان فوقه واسفل سفالين ينتهى الى جوف الارض
والكواكب التى فى السماء وان كان بعضها محاذيا لرؤوسنا وبعضها
فى النصف الآخر من الفلك فليس شىء منها تحت شىء بل كلها فوقنا
في السماء ولما كان الانسان اذا تصور هذا يسبق الى وهمه السفل الاضافى
كما احتج به الجهمى الذى انكر علو الله على عرشه وخيل على من
لا يدرى أن من قال ان الله فوق العرش فقد جعله تحت نصف المخلوقات
او جعله فلكا آخر تعالى الله عما يقول الجاهل فمن ظن أنه لازم
لاهل الاسلام من الامور التى لا تليق بالله ولا هي لازمة بل هذا يصدقه
الحديث الذي رواه أحمد فى مسنده من حديث الحسن عن ابي هريرة
ورواه الترمذى فى حديث الادلاء فتاوى ابن تيمية ج25/ص197
فان الحديث يدل على ان الله فوق العرش ويدل على احاطة العرش وكونه سقف
المخلوقات ومن تأوله على قوله هبط على علم الله كما فعل الترمذى
لم يدر كيف الامر ولكن لما كان من اهل السنة وعلم ان الله فوق
العرش ولم يعرف صورة المخلوقات وخشى ان يتأوله الجهمي انه مختلط
بالخلق قال هكذا والا فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كله حق
يصدق بعضه بعضا وما علم بالمعقول من العلوم الصحيحة يصدق ما جاء
به الرسول ويشهد له فنقول اذا تبين انا نعرف ما قد عرف من استدارة
الافلاك علم ان المنكر له مخالف لجميع الأدلة لكن المتوقف فى ذلك
قبل البيان فعل الواجب وكذلك من لم يزل يستفيد ذلك من جهة لا يثق بها
فان النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم
ولا تكذبوهم وان كون بعض الحركات العالية سبب لبعض الحوادث
مما لا ينكر بل اما يقبل او لا يرد فالقول بالاحكام النجومية باطل
عقلا محرم شرعا ج25/ص198
اخي زياد اما القول باتساع السماء فهو فعلا قول لا يجوز شرعا. والذي اذكرك به ان العلماء يتكلموا عن ابتعاد النجوم عنا لا يعني اتساع السماء بالضرورة لان السماء هي الوعاء والنجوم انما تتحرك داخل السماء فلا تؤثر حركةالنجوم كعناصر داخل الوعاء الذي هو السماء في الوعاء نفسه الذي هو السماء.
¥