وذكر الشيخ نصر المقدسى فى كتاب الحجة عن ابن أبى حاتم قال سألت أبى وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة فقالا أدركنا العلماء فى جميعالأمصار حجازا وعراقا ومصر وشاما ويمنا فكان من مذاهبهم أن الايمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق بجميع جهاته الى أن قال وان الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه فى كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف أحاط بكل شىء علما
وقال الشيخ نصر فى أثناء الكتاب ان قال قائل قد ذكرت ما يجب على أهل الإسلام من اتباع كتاب الله وسنة رسول الله وما أجمع عليه الأئمة والعلماء فاذكر مذهبهم وما أجمعوا عليه
فالجواب أن الذى أدركنا عليه أهل العلم ومن بلغنى قوله من غيرهم فذكر جمل اعتقاد أهل السنة وفيه وأن الله مستو على عرشه بائن من خلقه كما قال فى كتابه
وقال أبو الحسن الكجى الشافعى فى قصيدته المشهورة فى السنة ... عقيدتهم أن الإله بذاته ... على عرشه مع علمه بالغوائب
فعلو الأرض وجهها من كل جانب وأسفلها ما تحت وجهها ونهاية المركز هو الذى يسمى محط الأثقال فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة الى المركز يكون هبوطا ومنه الى وجهها صعودا
وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كرية وكذا الباقى والكرسى فوق الافلاك كلها والعرش فوق الكرسى ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة الى الكرسى كحلقة فى قلاة والجملة بالنسبة الى العرش كحلقة فى فلاة
والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والاجماع
فان لفظ الفلك يدل على الاستدارة ومنه قوله تعالى كل فى فلك يسبحون قال ابن عباس فى فلكة كفلكة المغزل ومنه قولهم تفلك ثدى الجارية اذا استدار وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك وأما العرش فانه مقبب لما روى فى السنن لابى داود عن جبير بن مطعم قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابى فقال يا رسول الله جهدت الانفس وجاع العيال وذكر الحديث الى أن قال رسول الله ان الله على عرشه وان عرشه على سمواته وأرضه كهكذا وقال بأصبعه مثل القبة
ولم يثبت أنه فلك مستدير مطلقا بل ثبت أنه فوق الأفلاك وان له قوائم كما جاء فى الصحيحين عن أبى سعيد قال جاء رجل من اليهود الى رسول الله قد لطم وجهه فقال يا محمد أن رجلا من أصحابك لطم وجهى فقال النبى ادعوه فدعوه فقال لم لطمت وجهه فقال يا رسول الله انى مررت بالسوق وهو يقول والذى اصطفى موسى على البشر فقلت يا خبيث وعلى محمد فأخذتنى غضبة فلطمته فقال النبى لا تخيروا بين الأنبياء فان الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فاذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدرى أفاق قبلى أم جوزى بصعقة الطور
وفى علوه قوله اذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فانه وسط الجنة وأعلاها وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة
فقد تبين بهذه الأحاديث أنه أعلا المخلوقات وسقفها وأنه مقبب وان له قوائم وعلى كل تقدير فهو فوق سوا كان محيطا بالأفلاك أو غير ذلك
فيجب أن يعلم أن العالم العلوى والسفلى بالنسبة الى الخالق سبحانه وتعالى فى غاية الصغر لقوله تعالى وما قدروا الله حق قدره الآية
قاعدة عظيمة فى اثبات علوه تعالى
وهو واجب بالعقل الصريح والفطرة الانسانية الصحيحة وهو أن يقال كان الله ولا شىء معه ثم خلق العالم فلا يخلو اما أن يكون خلقه فى نفسه وانفصل عنه وهذا محال تعالى الله عن مماسة الاقذار وغيرها واما أن يكون خلقه خارجا عنه ثم دخل فيه وهذا محال أيضا تعالى أن يحل فى خلقه وهاتان لا نزاع فيهما بين أحد من المسلمين واما أن يكون خلقه خارجا عن نفسه الكريمة ولم يحل فيه فهذا هو الحق الذى لا يجوز غيره ولا يليق بالله الا هو وهذه القاعدة للامام أحمد من حججه على الجهمية فى زمن المحنة وذكر الأشعرى فى المقالات مقالة محمد بن كلاب الذى ائتم به الأشعرى أنه يعرف بالعقل ان الله فوق العالم والاستواء بالسمع وبأخبار الرسل الذين بعثوا بتكميل الفطر ولا تبديل لفطرة الله وجاءت الشريعة بها خلافا لأهل الضلال من الفلاسفة وغيرهم فانهم قلبوا الحقائق أه
_وقال في موضع اخر:
¥