[المولد النبوي مواسم و تخاصم]
ـ[الحضرمي]ــــــــ[25 - 04 - 05, 09:03 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد ولد آدم وآله والصحب أجمعين.
فإن موضوع المولد ذو شجود وأصحابه من أهل الفنون، فإن أحدنا ما يدخل في منتدى إلا و يرى الحوار في هذا الموضوع و يسمع من هنا و هناك من يجيزه بل ويستحبه ولولا ضيق الوقت لأفردت له بحثا عقديا حديثيا فقيا،فهذا نقل من الرابط التالي
http://alsaha.fares.net/[email protected]@.1dd765f2
الشبهة الأولى:
في قول الله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا [يونس:58]، قالوا: فعن عبد الله بن عباس أنَّ رحمة الله في هذه الآية هو النبي.
وهذا من تحميل النص ما لا يحتمله، فإنَّ تفسير الآية: فليفرحوا بالقرآن وبالإسلام. هكذا فسَّرها جميع من فسَّرها من السلف، وهو الثابت عن ابن عباس أيضًا، وأمَّا الرواية التي ذكروها عنه فلا يدرى ما إسنادها مع مخالفتها للثابت عنه، وهو المشهور المطابق لما عليه الجمهور. فمعنى الآية: فليفرحوا بنعمة القرآن وبالإسلام أن جعلهم من أهله.
ومن لطائف خذلان الله لأهل الأهواء والبدع أنَّهم لا يستدلُّون بآية أو حديث صحيح إلاَّ كان حجَّةً عليهم، وكذلك الأمر هنا في هذه الآية، فلو فرضنا أنَّ معنى رحمة الله هو النبيُّ فإنَّ في هذا حجةً عليهم، ألا ترون أنَّ المعنى حينئذ: فليفرحوا أن جعلهم من أتباع نبيِّه، وهو الرحمة المهداة للاهتداء والاتِّباع، فلا يخلو إمَّا أن يكون الفرح به فرحًا بذاته فقط أو باتِّباعه، فالأوَّل لا ينفع مخالفه العاصي لأمره، والثاني فأفرح الناس به أحرصهم على اتِّباع سنَّته، كما في حديث أبي هريرة لمَّا سأل النبيَّ: من أسعد الناس بشفاعتك، فأخبره النبيُّ أن لا أحد أولى بهذا السؤال منه لما رأى من حرصه على الحديث. فأفرح الناس بالنبي أكملهم اتِّباعًا لسنَّته وهديه، ولم يكن من هديه ولا من هدي أصحابه الاحتفال بمولده، فذلك مناف للفرح به، فتأمَّلوا.
الشبهة الثانية:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قد ظهر لي تخريجها ـ أي: بدعة المولد ـ على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أنَّ النبيَّ قدم المدينة فوجد أهلها يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجَّى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما منَّ به في يوم معيَّن من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كلِّ سنَة".
وهذا قاله ابن حجر بحثًا لا تقريرًا، فليفهم، فكأنَّه يتكلَّم على لسان من يجيز ذلك، ولذلك صرَّح في أوَّل بحثه أنَّ عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح.
والجواب أن نقول: إن هذا المعنى لو كان صحيحًا لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين وهم أعمق الناس علمًا وأصوبهم رأيًا. فهذا ليس تخريجًا على السنَّة، بل هو خروج عليها وعلى هدي السلف.
وهذا جار على قاعدة في العلم مقرّرة، يغفل عنها كثير من القرون المتأخِّرة، وهي أنَّ كلَّ نصٍّ شرعيٍّ لم يثبت عن السلف أنَّهم عملوا به على حال، فما زعمه المتأخِّرون دليلاً على تلك الحال فليس دليلاً، إذ لو كان دليلا لم يعزب عن السلف مجتمعين ثم يعلمه الخلف متفرِّقين.
وقد ردَّ السيد رشيد رضا على هذه الشبهة في فتاواه ردًّا قويًّا لا يتَّسع المجال لنقله، فنكتفي بهذه الإحالة عليه.
الشبهة الثالثة:
قال السيوطي رحمه الله وغفر له: "قد ظهر لي تخريجه ـ أي: عمل المولد ـ على أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أنَّ النبيَّ عقَّ عن نفسه بعد النبوَّة، مع أنَّ جدَّه عبد المطَّلب قد عقَّ عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرَّةً ثانية، فيحمل ذلك على أنَّ الذي فعله النبيُّ إظهار للشكر على إيجاد الله إيَّاه رحمة للعالمين، وتشريع لأمَّته كما كان يصلِّي على نفسه، لذلك فيستحبُّ لنا أيضًا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات".
¥