[القول النفيس في تحريم الفعل الخسيس]
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[26 - 04 - 05, 02:05 م]ـ
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد،،،
فهذه رسالة مختصرة في مسألة من نوازل الزمان، عمت بها البلوى بين طائفة كبيرة من المسلمين الذين غلبتهم تبعية الغربيين، واضطربت فيها أقوال المفتين والمؤلفين، من بين مبيح قائل برفع الحرج عنها، متساهل في حكمها، وآخر يحرمها، ويقول بتأثيم من وقع فيها، وهي مسألة اللحس والمص أي لحس الرجل فرج المرأة، ومص المرأة ذكر الرجل.
وهذه المسألة قد عمت بها البلوى عندما صار العالم قرية واحدة عن طريق وسائل الإعلام الماجنة، والثقافة الغربية الزائفة، وتلاقيهما مع العقول الضعيفة، والنفوس المريضة، التي ابتليت بالتبعية، والتسارع إلى ما في هذه الثقافة الوافدة.
ولما رأيت اضطراب الأقوال، و تباعد الآراء، واختلاف المآخذ، وصار الناس فيها ما بين مشرق ومغرب، وسكت البعض عن الخوض فيها، وتضايق من سماعها، مع انتشارها السريع، وتفشيها المخيف، رأيت ضرورة البحث والتنقيب، والتأصيل والتأليف، والنظر فيما ورد في الباب، مع المقايسة بين المتماثلات والمتشابهات، والتفريق بين المتباعدات المختلفات، حتى تعود الأمور إلى نصابها، وينجلي عن الحقيقة غبارها، وينكشف عن المسألة غموضها، وسميت هذه الرسالة بـ (القول النفيس في تحريم الفعل الخسيس) سائلا المولى التوفيق والسداد، إنه نعم المولى ونعم النصير.
تنبيهان:
الأول: الأدلة التي ذكرت في هذه الرسالة بعضها أقوى من بعض، فما كان منها قويا ظاهر الدلالة يٌقَوِّي ما كان خفي الدلالة، أو في دلالته نوع ضعف، لأن الهيئة الاجتماعية غير الانفرادية، فقد يكون دليل ما ضعيفا إما من حيث ثبوته، أو دلالته لكنه يتقوى بوجوه أخرى ترفع دلالته أو ثبوته من الضعف إلى القوة.
الثاني: لم يتم ترتيب الأدلة حسب قوة دلالتها على التحريم، وإنما حسب ترتيبها في مراتب الأدلة، فقدم النص القرآني والحديثي على غيره وإن كانت دلالة القياس أقوى من النص في هذه المسألة فكن على ذكر بهذا.
هذا وقد قسمت البحث إلى فصلين:
الأول: في الوجوه الدالة على التحريم وهو أصل الرسالة وصلبها.
الثاني: الرد على شبهات المبيحين وبيان ضعفها.
كتبه / أبو عبد الباري الصومالي
يتبع .................................................. ...........
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[26 - 04 - 05, 02:29 م]ـ
الفصل الأول:
الأدلة الشرعية على تحريم هذه الفعلة
قد دل على تحريم هذه الفعلة الكتاب والسنة والدليل الصحيح المقتبس منهما المقتضي للتحريم والاستثناء من أصل الإباحة، و بيان ذلك من وجوه هي:
الوجه الأول: دلالة القرآن على التحريم
الوجه الثاني: دلالة السنة على التحريم
الوجه الثالث: دلالة القياس على التحريم
الوجه الرابع: دلالة مباشرة النجاسة على التحريم
الوجه الخامس: ما قيل من نجاسة رطوبة فرج المرأة ودلالة على التحريم
الوجه السادس: ما قيل من نجاسة المني ودلالته على التحريم
الوجه السابع: قذارة إفرازات الفرجين ودلالتها على التحريم
الوجه الثامن: الضرر الصحي لهذه الفعلة ودلالته على التحريم
* وهذا أوان التفصيل في هذه الوجوه الثمانية وبيان دلالة كل واحد منها على التحريم، والله أسأل التوفيق والسداد، وبه أستعين.
الوجه الأول: دلالة القرآن على التحريم
قد جاء في كتاب الله تعالى ما يدل على تحريم هذه الفعلة وذلك قوله تعالى في سورة البقرة ?نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ ?
ففي هذه الآية الكريمة سمى الله تعالى المرأة حرثا ومزدرعا، وسمى إتيانها حرثا وزراعة، وأمر الأزواج أن يأتوا زوجاتهم في موضع الحرث الذي هو موضع زرع الأولاد وتلقيح الأرحام، وذلك لا يكون إلا في الفروج.
¥