تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال السندي رحمه الله: وقوله ? فَأْتُوا حَرْثَكُمْ ? لإفادة أن المأتي لا بد أن يكون في موضع حرث، ولا دلالة له على نفي التفخيذ، لأن ذلك تابع للإتيان في موضع الحرث بخلاف الإتيان في موضع آخر غير موضع الحرث لأنه غير تابع فلا يجوز أصلا اهـ نقله الأرناؤط وزملاؤه في تحقيق المسند (4/ 238).

وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 247) في قوله ? فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ? أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد كما ثبتت بذلك الأحاديث اهـ

قال أبو عبد الباري: هذه جملة من أقوال العلماء في تفسير الآية من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة التفسير، وهي تدل على أن الآية دلت على أن الإتيان المباح خاص في الفرج لا غير، وذلك لأن الله تعالى سماه (حرثا) وأمر به، فكل موضع آخر لا يتحقق فيه وصف الحرث لا يكون مباحا بدلالة الآية.

وبناء على ذلك صح الاستدلال بهذه الآية في قول جماهير العلماء على تحريم الدبر لفقدان وصف الحرث الوارد في الآية فيه، وذلك لأن الكلام في إتيان المرأة في دبرها كان موضع البحث حينها ولا زال، فإذا جاء البحث في موضع آخر غير موضع الحرث - أي الفرج - دلت الآية في قولهم – تخريجا - على تحريمه لنفس العلة وبنفس قوة الدلالة، وقد علم يقينا أن إتيان المرأة في فمها ليس من الحرث في شيء، بل هو أبعد ما يكون معنى وموضعا من الحرث.

اعتراض مردود

فإن قيل: ليس لعق الأعضاء التناسلية من الإتيان في شيء، والذي دلت عليه الآية إنما هو الإتيان، وهو غير اللعق واللحس.

أجيب: بأن ذلك مسلم في لعق الرجل عورة المرأة، وأما لعق المرأة ذكر الرجل فيصدق فيه أنه إتيان.

بيانه: أن العلماء أطبقوا على أن الجماع الموجب للحد هو: إيلاج الحشفة في فرج محرم، كما قال في مغني المحتاج (4/ 143 - 144): " الزنى إيلاج حشفة أو قدرها من الذكر المتصل من الآدمي ولو أشل وغير منتشر وكان ملفوفا في خرقة " اهـ.

وقد جمع أقوال الفقهاء فيه ولخصه كل من الدكتور عبد الكريم زيدان في المفصل في أحكام المرأة (5/ 46 - 47) والشيخ عبد القادر عودة رحمه الله في التشريع الجنائي (2/ 350 - 351)، فقال الأخير منهما " الوطء المعتبر زنا: هو الوطء في الفرج بحيث يكون الذكر في الفرج كالميل في المكحلة والرشاء في البئر، ويكفي لاعتبار الوطء زنا أن تغيب الحشفة على الأقل في الفرج أو مثلها إن لم يكن للذكر حشفة، ولا يشترط على الرأي الراجح أن يكون الذكر منتشرا " اهـ المراد منه. ولعق المرأة ذكر الرجل إيلاج وزيادة، فصح أنه إتيان للمرأة من فمها، وقضاء للشهوة فيه مع التلذذ، بحيث يستفرغ فيه أحيانا، كالإتيان تماما.

الوجه الثاني: دلالة السنة على التحريم

وهذا الذي دل عليه الكتاب الكريم دلت عليه السنة الصحيحة أيضا على وجه أصرح من دلالة القرآن، وذلك في أحاديث نذكر طرفا منها، وقد أوردها المفسرون في تفسير الآية المذكورة في الوجه الأول، وتقدم قول ابن كثير أن الأحاديث ثبتت بذلك، ومن هذه الأحاديث:

1. حديث أم سلمة رضي الله عنها

روى أحمد والترمذي وغيرهما من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الله بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة في حديث طويل وفيه أن أم سلمة سألت النبي صلى الله عليه و سلم لامرأة من الأنصار فقال: " أدعي الأنصارية " فدعتها، فتلا عليها هذه الآية ? نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ? "صماما واحدا" (2).

2. حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

روى ابن أبي حاتم (كما في تفسير ابن كثير1/ 247) من طريق يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن مالك وابن جريج والثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر أن اليهود قالوا للمسلمين: من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول، فأنزل الله تعالى ? نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ? قال ابن جريج في الحديث: فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "مقبلة ومدبرة إذا كان في الفرج" (3).

3. حديث ابن عباس رضي الله عنهما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير