تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روى أحمد (1/ 268) من طريق يحيى بن غيلان عن رشدين عن الحسن بن ثوبان عن عامر بن يحيى المعافري عن حنش عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت هذه الآية ? نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ? في أناس من الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال النبي ? "ائتها على كل حال إذا كان في الفرج" (4).

فهذه الأحاديث الثابتة من هذه الطرق وغيرها تدل على اشتراط الإتيان في الفرج، وهو المراد بالصمام الواحد، وهو الذي وقعت عليه الإباحة لا غيره. وقضية الاشتراط تدل على حرمة الإتيان في غير الفرج كما لا يخفى، وهو المطلوب، فتتفق دلالتها مع الآية في تحريم هذه الفعلة الشنيعة والخصلة الذميمة.

قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره (3/ 93) بعد إيراده بعض هذه الأحاديث: هذه الأحاديث نص في إباحة الحال والهيئات كلها إذا كان الوطء في موضع الحرث، أي كيف شئتم من خلف ومن قدام وباركة ومستلقية ومضطجعة، فالإتيان في غير المأتي فما كان مباحا ولا يباح، وذكر الحرث يدل على أن الإتيان في غير المأتي محرم اهـ. وروى البخاري في صحيحه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لعروة بن مسعود بحضرة النبي ? يوم الحديبية عند ما وصف عروة المسلمين أوباشا لا يثبتون بل سرعان ما يتفرقون عن النبي ? قال أبو بكر والنبي ? يسمع" أمصص بظر اللات أنحن نفر من رسول الله ? وندعه " (رواه البخاري رقم2731).

ولم يكن النبي ? يسكت على أبي بكر وهو يعيب رجلا بما يحل ويجوز فعله، هذا أمر لا يجوز اعتقاده، كما يدل صنيع أبي بكر وغضب عروة بن مسعود أن هذه الفعلة كانت من الرذائل التي تأنف منها الفطر السليمة ولا تبيحها القيم المستقيمة، فتأمل هذا فإنه مفيد لتحريم هذه الفعلة الشنيعة.

اعتراض مردود

فإن قيل: غاية ما في هذا الوجه والذي قبله هو تحريم ذلك على المرأة، وليس فيه ما يدل على تحريم اللحس واللعق على الرجل؟

أجيب: بأن هذا صحيح، لكنه إنما يقال مثل هذا الاعتراض إذا لم يكن في الباب غير هذا الدليل، وليس هنا كذلك فسيأتي في الوجوه التالية ما يعم الحالتين أي اللحس والمص، فسقط هذا الاعتراض من أصله، وليس من شرط الدليل لا عرفا ولا شرعا أن يكون دالا على الحالتين، بل يكفي دلالة هذا الوجه والذي قبله على تحريم ذلك على المرأة، كما يدل الوجه الخامس على تحريم ذلك على الرجل فقط، ومع ذلك ففي بعض الوجوه كالثالث والرابع والسادس وغيرها ما يدل على تحريم الحالتين مطلقا والله أعلم.

الوجه الثالث: دلالة القياس على التحريم

قد دل القياس الجلي الذي لم يختلف في حجيته حتى ابن حزم رحمه الله تعالى على تحريم المص واللحس كدلالة القرآن والسنة الصحيحة كما تقدم في الوجهين السابقين.

تحريم لمس الفرج باليمين و أقوال المحققين فيه

بيانه: أنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن مس الذكر باليمين عند البول، وعن الاستنجاء باليمين في صحاح الأخبار وهي تفيد التحريم في أصح قولي العلماء.

ومن هذه الأحاديث:

ما روى البخاري وسلم في صحيحيهما من حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي ? أنه قال " لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء " وهذا لفظ مسلم.

ولفظ البخاري " إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه " (رواه البخاري في صحيحه (رقم 153، 154) ومسلم في صحيحه أيضا (رقم 267).

ومنها ما رواه مسلم في صحيحه من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال " نهانا- أي النبي ? - أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين " (رواه مسلم في صحيحه (رقم 262).

ومنها ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحو حديث سلمان الفارسي وفيه" ولا يستطيب بيمينه " (رواه أبو داود (رقم 6) والنسائي (1/ 38) وابن ماجه (رقم303) وهو صحيح كما في صحيح أبي داود (رقم 6) وصحيح ابن ماجه (رقم 252).

فهذا النهي الوارد في هذه الأحاديث يدل في أصل دلالته على تحريم مس الذكر باليمين وتحريم الاستنجاء بها، ولم يرد ما يصرفه عن حقيقته التي هي التحريم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير