وقد أفتت اللجنة الدائمة بنجاسة هذه الرطوبة فهاك السؤال والجواب:
السؤال: ما حكم ما يخرج من النساء من إفرازات من الفرج، هل حكمه كحكم البول؟
الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه،، وبعد:
حكمه حكم البول، عليها الاستنجاء منه والوضوء الشرعي، وغسل ما أصاب بدنها وملابسها اهـ.
وقَّع على هذه الفتوى كل من الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد الله بن قعود، وعبد الله بن غديان.
انظر: الفتوى (رقم 5866 ج 5/ص 384).
ومما يؤيد القول بالنجاسة أن هذه الرطوبة الفرجية بقسميها الخارجي والداخلي تتحد مع المذي النجس نصا وإجماعا في منشئها حيث هذه الرطوبة تخرج هي والمذي من مكان واحد كما تقرر طبيا وإنما يختلفان في السبب لا كما قال العلامة الشيخ ابن عثيمين احتمالا فيما تقدم عنه.
من أين يخرج المذي؟ تحقيق الطب الحديث
قال الدكتور محمود ناظم في الطب النبوي والعلم الحديث (1/ 197 - 198) وهو يتحدث عن الرطوبة الداخلية للفرج – أعني فرج المرأة – " تشترك غدد سكن وبارتولان في إفراز مادة شفافة خالصة رقيقة مخاطية لزجة لا تفرزها الغدد بغزارة إلا عند التهييج الجنسي، وفي الغالب يكفي القدر العادي من هذه المادة المخاطية اللزجة لتشحيم ثغر الفرج وتليينه.
وأحب أن أشير هنا إلى أن هذا المفرز المخاطي القليل هو الذي يؤلف رطوبة الفرج الخارجي بالتعبير الفقهي، وأنه عند ما يزداد في التهيج الجنسي يسمى مذيا ما لم يرافقه رعشة جنسية كما سترى " انتهى كلامه بحروفه.
وقال في الكتاب أيضا (1/ 203) في وصف مذي المرأة " أما صفاته فهي صفات رطوبة الفرج الخارجي، لأنه يتألف أيضا من مفرزات غدتي سكن وغدتي بارتولان التي تفرغ مفرزاتها في الطبقة العميقة من الفرج، ثم يخرج من الدهليز إلى ظاهر الفرج قرب العويكشة، فهو كرطوبة الفرج الخارجي مفرز مخاطي رقيق لزج شفاف، وما يميزه عن تلك الرطوبة طبا وشرعا هو أن إفرازه ناتج عن تهيج الشهوة الجنسية، ذلك التهيج الذي يزيد من إفراز تلك الغدد " انتهى كلامه بنصه.
فأنت ترى أن هذا الكلام الطبي يوضح اتحاد مخرج المذي النجس بالنص والإجماع ومخرج الرطوبة المتنازع على نجاستها وطهارتها، فكان مما يقوي القول بالنجاسة والله أعلم.
وعلى كل حال فهذا الوجه يدل على التحريم من باب الإلزام لمن يقول بنجاسة هذه الرطوبة، وقد رأيت قوة دليلها، فيلزم كل من قال بالنجاسة أن يقول بتحريم لحس فرج المرأة من طرف رجل أو امرأة للإجماع على تحريم أكل النجاسة، وهو لازم فتوى اللجنة الدائمة المتقدمة فيكون قولهم تخريجا.
لا يقال: يعفى عنه لمشقة التحرز كما في حالة الجماع، لأننا نقول: إنما قيل بالعفو عن يسير النجاسة مع تعذر التوقي أو مشقته فيما لا بد للناس منه، واللحس ليس من الضرورة في شيء بل من الخبائث التي لا ترتادها إلا النفوس الضعيفة كما سيأتي توضيحه إن شاء الله في الوجه السابع.
ولهذه المسألة نظائر في الفقه مدارها عند من يتردد في نجاستها كما تقدم للشيخ ابن عثيمين على اختلاط النجس بالطاهر مثل اشتباه الماء الطاهر بالنجس، والثوب الطاهر أيضا بالنجس، والحرام بالحلال ونحو لك.
وإنما قال من قال بالتحري مع قيام الضرورة، وأما مع الاستغناء بما يتيقن طهارته وحله عن المشتبه فيه فلا يكون سائغا.
(تنبيه): في الاستدلال بأثر عائشة بين البيهقي والحافظ
قال الحافظ في التلخيص الحبير (1/ 34):
(فائدة):
لم يذكر الرافعي الدليل على طهارة رطوبة فرج المرأة، وقد روى ابن خزيمة في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت " تتخذ المرأة الخرقة فإذا فرغ زوجها ناولته فمسح عنه الأذى، ومسحت عنها ثم صليا في ثوبيهما " موقوف.
ومن طريق يحيى بن سعيد عن القاسم سئلت عائشة عن الرجل يأتي أهله ثم يلبس الثوب فيعرق فيه؟ قالت: "كانت المرأة تعد خرقة، فإذا كان مسح بها الرجل الأذى عنه، ولم ير أن ذلك ينجسه " اهـ
¥