تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تحرير مراد الشيخ رحمه الله تعالى: لا يشك عاقل منصف أن هذا من الافتراء على محدث العصر والعلامة الثقة، فإنه قال الكلام المنقول في حديث عائشة رضي الله عنها " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر، ثم يضاجعها زوجها، وقالت مرة: يباشرها ".

فقال الشيخ نقلا عن ابن الأثير في النهاية الكلام المذكور، فكان مراده من ذلك أن هذه المباشرة إنما هي في المفاخذة ونحوها مما يجوز تبعا لا استقلالا كما تقدم عن السندي، وأنه إن كانت المباشرة تطلق على الوطء في الفرج وخارجا منه، وقد دل الحديث الصحيح أن الوطء في الفرج للحائض حرام من حديث عائشة نفسها، دل ذلك على تعيُّن المعنى الثاني، هذا مراد الشيخ، وهو مفهوم واضح، وهو الصحيح.

الوجه الثاني: أن لازم الأخذ بالعموم المزعوم من شأنه القول بجواز إتيان المرأة في دبرها، وأن الشيخ يقول بهذا العموم!

وهذا باطل فقد ذكر في كتابه الممتع هذا فصلا في تحريم إتيان المرأة في دبرها، ورد على غير واحد ممن ضعف أحاديث التحريم: كقوله في رده على جمال الدين القاسمي (ص 106):

قلت – أي الألباني -: فلا يغتر بعد هذا بقول الشيخ جمال الدين القاسمي في تفسيره (3/ 572): إنها ضعيفة! لأنها دعوى من غير مختص بهذا العلم أولا، وخلاف ما يقتضيه البحث العلمي، وشهادة الأئمة بصحة بعضها وحسن بعضها، وجزم الأمام الذهبي بالتحريم الذي اجتمعت عليه مفردات أحاديث الباب، وفي مقدمة المصححين الإمام إسحاق بن راهويه، ثم تتابعت أقوال الأئمة من بعده من المتقدمين والمتأخرين كالترمذي وابن حبان وابن حزم والضياء والمنذري وابن الملقن وابن دقيق العيد وابن حجر وغيرهم ممن ذكروا في غير هذا الموضع فانظر مثلا " الإرواء " (7/ 65 - 70) اهـ.

هذا نص كلامه رحمه الله تعالى، فلو كان فهم من الكلمة " وخارجا منه " العموم المزعوم لما أطلق، ولكان من أسرع الناس في تقييدها أو تخصيصها، فلما لم يعلق عليها دل أنه لم يفهم من هذه الكلمة التي نقلها وقال بمعناها العموم المزعوم.

فإن قيل: إن إتيان المرأة مستثنى من هذا العموم لما ورد فيه من النصوص الخاصة؟

أجيب: بأن تحريم لعق الأعضاء التناسلية أو مصها مستثنى من العموم كما استثني تحريم الدبر منها إن صحت دعوى العموم هنا إذ ليس أقوى من أصل الإباحة، وقد بينا أن الدليل قام على تحريم هذه الفعلة الذميمة.

وعلى كل حال، فهذه الشبهة لا تقوى على معارضة ما تقدم ذكره من وجوه التحريم، بل لولا أن البعض يتمسك بكل شيء وإن كان أوهى من بيت العنكبوت ويبني عليها علالي وقصورا لما ذكرتها لوهائها، ولكن كما قيل: لكل ساقطة لاقطة، فآثرت إيرادها لمنع التذرع بها.

الشبهة الرابعة: إيراد حلول لتجنب النجاسة ومباشرتها.

قال بعضهم: إذا كان لا يجوز مباشرة النجاسة ويكون لعق الأعضاء التناسلية حراما بهذا ألا يمكن تجنب ملاقاة النجاسة للفم واللسان، وذلك باستعمال الوقايات المعدة لذلك، ولف الأعضاء التناسلية بها أو بغيرها مما لا تتسرب منه النجاسة، مع قضاء هذه المتعة بين الزوجين؟!

والجواب على ذلك من وجوه:

الأول: هذا اعتراف بقوة دليل مباشرة النجاسة ودلالته على التحريم، ثم بدل التسليم للدليل بدأ صاحب هذه الفكرة يبحث عن الحيل للوصول إلى ما قام الدليل على تحريمه.

ولو كان الدليل عنده غير صحيح ما احتاج إلى اللف ولا غيره، ولو كان مباحا مطلقا لما تكلف المشاق وحمل الهم للبحث عن المخرج من الحرج والإثم، ولكنه لما رأى دليل مباشرة النجاسة صريحا على التحريم، وقد مالت نفسه الأمارة بالسوء إلى هذا الفعل صار ينظر في الحيل الممكنة، فكانت هذه الحيلة مما انقدح في ذهنه.

والأصل في المسلم أن يكون كما أمره الله سبحانه و تعالى بقوله في سورة الأحزاب ? وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ?، فلا يلف ولا يدور بل يسمع ويطيع. وقد ذم النبي ? اليهود بالتحايل على ما حرم الله تعالى فقال " لعن الله اليهود والنصارى، إن الله لما حرم عليهم شحوم الميتة جملوها فأذابوها فباعوها وأكلوا ثمنها " رواه البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير