تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووجه الدلالة منها: أن الله سبحانه سمى المرأة حرثا تشبيها لها بالحرث الذي هو الزرع، وذلك للإشارة إلى محل الحرث هو الذي وقعت عليه الإباحة فقط لا غير، ومن هذا المنطلق صح الاستدلال بهذه الآية الكريمة في تحريم الحشوش (أي إتيان المرأة في دبرها)، وكاد العلماء يطبقون على إفادة الآية تخصيص الإباحة بموضع الحرث، وقد علم يقينا أن الفم ليس من الحرث في شيء فاقتضى معنى الآية تحريمه.

الوجه الثاني: دلالة السنة على التحريم

وذلك في عدة أحاديث تتعلق بتفسير الآية السابقة، وتفيد المعنى الذي أفادته الآية وزيادة، وذلك بمقتضى الشرط الذي تضمنته الأحاديث الصحيحة مما أفاد حصر الإباحة في موضع الزرع، ويقال في دلالتها مثل ما قيل في دلالة الآية، وقد تقدم التفصيل.

الوجه الثالث: دلالة القياس الجلي على التحريم

وذلك بقياس الفم واللسان على اليمين التي ورد في النصوص الصحيحة الصريحة النهي عن لمسها إما مطلقا وإما مقيدا على ما تقدم بيانه وتفصيله، وهو من أقوى الوجوه الدالة على التحريم.

ووجه القياس: أن النهي الوارد في لمس الفرج باليمين معلل بصيانة اليمين عن الأماكن القذرة، وقد علم أن الفم واللسان أولى بهذه الصيانة من اليمين، لأنهما موضع الذكر والتهليل والتسبيح.

الوجه الرابع: دلالة مباشرة النجاسة على التحريم

وهو من أقوى الأدلة أيضا، وذلك لما بيناه من لزوم مباشرة الفم واللسان للنجاسة، حيث يتلاقى مع المذي الخارج عند الملاعبة وثوران الشهوة، وهو سائل نجس بالنص والإجماع، وقد علم بالإجماع تحريم أكل النجاسة ومخالطتها فيما يتصل ببدن الإنسان كما تقدم بيانه.

وحاصل ذلك: أن المذي نجس، وأنه يخرج عند الملاعبة وثوران الشهوة، وأن مباشرة ذلك بالفم واللسان محرم، وهو قوي جدا.

الوجه الخامس: طوبة فرج المرأة ودلالتها على التحريم

وهذا الوجه من باب الإلزام لمن قال بنجاسة هذه الرطوبة، وهو قول طائفة غير قليلة من العلماء تقدم ذكر بعضهم ودليلهم على النجاسة، فلازم قول من قال بنجاسة هذه الرطوبة هو القول بتحريم لعق الأعضاء التناسلية للمرأة لما تقدم من الإجماع على تحريم مباشرة النجاسة بالفم واللسان، وقد تقدم أن ممن قال بالنجاسة الشيخ ابن باز وعبد الرزاق عفيفي وابن غديان من علماء هذا العصر.

الوجه السادس: ما قيل من نجاسة المني ودلالته على التحريم

وهذا الوجه كسابقه من باب الإلزام لمن يقول بنجاسة مني الآدمي وهو مذهب الحنفية واختاره بعض المحققين كالشوكاني، ولازم ذلك هو القول بتحريم لعق الأعضاء التناسلية للجنسين كما تقدم بيانه.

الوجه السابع: قذارة إفرازات الفرجين ودلالتها على التحريم

وهو وجه قوي في الدلالة على التحريم، لنص القرآن على تحريم الخبائث، واتفاق المعتبرين ممن أهل العلم على أن الخبث دليل على التحريم، وقد بينا هناك أن ما يجري بين الزوجين من الإفرازات قد صح بالنص تسميته أذى واستدل بذلك على النجاسة فدل على تحريم هذه الفعلة الشنيعة.

الوجه الثامن: الضرر الصحي لهذه الفعلة ودلالته على التحريم

وهو وجه من القوة بمكان، وقد تقرر عن طريق دراسة طبية حديثة أن ممارسة هذه الفعلة ينجم عنها سرطان الفم ويزيد بسببه إن كان الشخص مصابا به قبل ذلك، وقد تقرر أن من علم حجة على من لم يعلم، وأن من قال بعدم وجود الضرر فيه إنما بناه على معلومات غير صحيحة، وفي القواعدة الفقهية أنه" لا عبرة بالخطأ البن خطؤه "، كما تقرر فيما سبق الترابط والمناسبة بين التحريم والضرر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.

وعليه فهذا الوجه قوي جدا في الدلالة على التحريم لما علم من تحريم ذوات الأضرار على النفس في الشريعة الإسلامية، وهو يدل على تحريم هذا النوع من العشرة على الجنسين (الذكور والإناث).

ثانيا: في الرد على شبهات المبيحين

وقد تم العثور على خمس شبهات مما احتج به من ذهب إلى الإباحة، وهي:

الشبهة الأولى: الاستدلال بالبراءة الأصلية والإباحة العقلية

وفي الرد على هذه الشبهة بينا أن الاستدلال بالبراءة الأصلية من أضعف الأدلة، وأنه لا يصار إليها إلا عند عدم الدليل المعتبر، وأن الأمر هنا ليس كذلك، كما بينا أن رفع الاستصحاب لا يعتبر نسخا، فلا يكون هناك ناسخ ومنسوخ، إذ لا تعارض بين الدليل الرافع للبراءة العقلية (الأصلية) وبين البراءة نفسها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير