متبعي الهوى المنقادين للشهوات.
3 - وعن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
ثلاث: عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام للصلاة كما يوطن البعير.
رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه. فهذا نهي منه صلى الله عليه وسلم
عن تقليد الحيوانات في الهيئات؛ من غراب وسبع وبعير.
ونقرة الغراب: أي أنه يسجد سجوداً سريعاً لا يطمئن فيه، فلا يكاد يمس وجهه الأرض
حتى يرفعه، فيكون فعله كفعل الغراب إذا نقر الأرض ينقرها سريعاً ثم يرفع منقاره.
وافتراش السبع: أي يفرش ساعديه على الأرض إذا سجد كما تفعل سباع الحيوانات إذا جلست.
وتوطن المقام للصلاة: أي يجعل لنفسه مكاناً في المسجد لا يصلي إلا فيه،
فيكون في فعله كالبعير يوطن لنفسه مكاناً في مناخه لا يبرك إلا فيه.
فهذا نهي منه صلى الله عليه وسلم عن تقليد هذه الحيوانات في بعض أفعالها
التي لا يظهر منها شديد قبح، فكيف بغيرها من الأفعال القبيحة؟
4 - وعن علي رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا علي لا تقع إقعاء الكلب))
رواه ابن ماجه. وهذا نهي منه صلى الله عليه وسلم عن تقليد الكلب في جلوسه.
5 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)) متفق عليه. وهذا كذلك نهي
منه صلى الله عليه وسلم عن تقليد الكلب في جلوسه. فكيف بمن يقلده في نتنه وجماعه؟
6 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة)) رواه مسلم.
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم مقروناً بعلته،
وهو التشبه بالأشياء الخسيسة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه النهي عن التشبه
بالبهائم مطلقاً فيما هو من خصائصها، وإن لم يكن مذموماً بعينه؛ لأنّ ذلك يدعو إلى فعل
ما هو مذموم بعينه.
وهذا كلام نفيس منه رحمه الله، أي إذا كان الشارع الحكيم قد نهانا عن التشبه بالحيوان في
أفعاله عموماً لخستها مقارنة بابن آدم؛ من جلوس، وتناول للطعام، فكيف بتقليده في أنتن وأقذر
أفعاله؟
وهذه بعض الأحاديث في التشديد في تقليد الحيوان في أفعاله وصفاته القذرة، وفيها يظهر شدّة
قوله صلى الله عليه وسلم على من يقلدهم عمداً، أو يفعل فعلاً لا يقصد به تقليد الحيوان لكن
لكون هذا الفعل الخسيس من خصائص الحيوانات، جاء النهي الشديد والذم لفاعله.
1 - فعن أبي أيوب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأي في أظفار أحدهم
طولاً فأنكر عليه قائلاً: ((يدع (أحدكم) أظفاره كأظفار الطير يجتمع فيها الجنابة والخبث والتفث))
رواه الإمام أحمد.
2 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ليس لنا مثل السوء: مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله))
متفق عليه.
فهذه الأدلة وغيرها تظهر لنا أنّ من تكريم الله تعالى لبني آدم أن حرّم عليهم التشبه
بالحيوانات، ويشتد التحريم إذا كان التقليد في أفعال الحيوانات القذرة، وهذا من محاسن
هذا الدين الحنيف، وبذا يظهر لنا أنّ التشبه بالكفار حرام، وأن التشبه بالحيوانات حرام.
* ثالثاً: حكم مس الآدمي فرجه وفرج غيره:
جاء الشرع الحنيف بالطهارة والنزاهة، فنهى المسلم عن مس فرجه وعن مس فرج غيره بيده
اليمنى التي اختصها الله عز وجل لتكون لجميل الأمور ومحاسنها؛ من المصافحة والمناولة
والشرب والأكل، ونهى أن يمس بها الفرج، أو تمس بها النجاسة ونحوها مما يستقذره الناس.
ففي الصحيحين: عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه)).
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى المسلم أن يمس ذكره بيمينه
مع حاجته إلى ذلك وقت التبول، فكيف في غير ما حاجة؟
ووصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل
فقالت: كان إذا اغتسل بدأ بيمينه فصب عليها من الماء فغسلها، ثم صب الماء على الأذى
¥