تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جزاك الله خيرا يا شيخ أشرف بن محمد وزادك شرفا ورفعة في الدين،

- المالكية -

قال ابن رشد الجد (1): لم ينكر مالك رحمه الله بينان النصارى في مسجد رسول الله واستحب أن يحازوا إلى موضع منه وأن يدخلوا مما يليه ولايخترقوا ما لاعمل لهم فيه وإنما خفف ذلك ووسع فيه وان كان مذهبه أن يمنعوا من دخول المساجد. اهـ

ونسب القرطبي (2) القول إلى أهل المدينة وقال:الآية عامة في سائر المشركين وسائر المساجد: وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله ونزع في كتابه بهذه الآية يعني قوله تعالى: {فلا يقربوا المسجد الحرام} ويؤيد ذلك قوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه} ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها، وفي صحيح مسلم وغيره (إن هذا المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر) (3) ... الحديث. والكافر لا يخلو عن ذلك، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب) (4)، والكافر جنب، وقوله تعالى: {إنما المشركون نجس} فسماه الله تعالى نجساً فلا يخلو أن يكون نجس العين أو مبعداً من طريق الحكم، وأي ذلك كان فمنعه من المسجد واجب، لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، والحرمة موجودة في المسجد. انتهى كلام القرطبي.

وقال ابن العربي المالكي (5) في قوله تعالى: {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} .. دليل على أنهم لا يقربون مسجدا سواه لأن العلة – وهي النجاسة – موجودة فيهم والحرمة موجودة في المسجد ... وقال في منع المشركين من دخول المسجد الحرام نصاً، ومنع من دخول سائر المساجد تعليلا بالنجاسة، ولوجوب صيانة المسجد عن كل نجس. اهـ

قال الإمام القرافي (6): قال مالك لا يدخل المسجد، خلافا (ش، ح) (7)، وزاد في الجواهر (8): وإن أذن له مسلم. ومنعه (ش) في المسجد الحرام، ويشترط بعض الأصحاب في غير المسجد الحرام إذن المسلم في دخوله. اهـ

قال الصاوي (9): يمنع دخول الكافر المسجد أيضا وإن أذن له مسلم إلا لضرورة عمل، ومنها قلة أجرته عن المسلم وإتقانه على الظاهر.اهـ

وقال الأبي (10):كشخص كافر ذكر أو أنثى فيحرم عليه دخوله إن لم يأذن له فيه مسلم، بل وإن أذن له فيه شخص مسلم إلا لضرورة كعمارة لم تمكن من مسلم أو كانت من الكافر أتقن. اهـ

وقال الدسوقي (11): وقوله (ولا يمكث فيه) أي ولا يمكث في المسجد للتيمم، قوله (لكافر) تشبيه في منع دخول المسجد (وإن أذن له مسلم) ما لم يدع ضرورة لدخوله كعمارة أي بأن لم يوجد نجار أو بناء غيره، أو وجد مسلم غيره ولكن كان هو أتقن للصنعة، فلو وجد مسلم غيره مماثل له في إتقان الصنعة لكن كانت أجرة المسلم أزيد من أجرة الكافر فإن كانت الزيادة يسيرة لم يكن هذا من الضرورة وإلا كان منها على الظاهر، كذا قرره شيخنا. اهـ


(1) البيان والتحصيل (1/ 409)
(2) الجامع لأحكام القرآن (8/ 99،100)
(3) صحيح مسلم مع شرح النووي (3/ 182)
(4) ضعيف
رواه أبو داود من طريق أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة (عون المعبود 1/ 267) وذلك من أجل جسرة بنت دجاجة
قال البخاري:عندها عجائب
وقد ضعف الحديث جماعة منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي،
بل قال ابن حزم إنه باطل، كما في إرواء الغليل (ج1ص162)،
أما شيخها أفلت ويقال له فُليت العامري فقد وثقه الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي (ميزان الاعتدال1/ 399).
أما رواية أم سلمة (إن المسجد لا يحل لجنب ولا حائض) فقد رواها ابن ماجة (1/ 511 مع تحقيق بشار عواد معروف) ففيها مجهولان:
أبو الخطاب كما في التقريب (2/ 392)،
ومحدوج الذهلي: التقريب (2/ 161).
قلت: تحسين الزيلعي له في نصب الراية (1/ 255)، ونقله تحسين ابن القطان في نفس الصفحة، وتصحيح الشوكاني في السيل الجرار (1/ 109) رحمهم الله ظانين أن الحديث بسندين وهم يحتاج إلى مناقشة: فالعلل فيه كثيرة:
أولا جسرة كوفية تفردت ولا تحتمل مثل هذا الحديث،
ثانيا متكلم فيها فقد قال فيها البخاري عندها عجائب كما سبق، و قال البيهقي فيها نظر، وقال ابن حبان فيما نقله أبو العباس البناني: عندها عجائب (ميزان الاعتدال 1/ 399)،
ثالثا: فليت العامري مجهول، فقال الخطابي: ضعف هذا الحديث جماعة وقالوا أفلت مجهول اهـ (شرح السنن 1/ 67)، وقال البغوي: وضعف أحمد الحديث، لأن راويه وهو أفلت بن خليفة مجهول (شرح السنة 2/ 46)،
رابعا: جسرة ليست مشهورة بالرواية عن عائشة فأين الرواة عن عائشة كعمرة، وعروة، والقاسم بن محمد، والأسود بن يزيد النخعي، وإن كان كوفيا فإن أمنا عائشة قالت فيه: ما دخل علي من تحت سماء الكوفة رجل أكرم علي من الأسود بن يزيد. خامسا والأهم: أن الحديث واحد بإسناد واحد وليس اثنين كما يتوهم،
والصحيح أن جسرة اضطربت فيه فروته مرة عن عائشة ومرة عن أم سلمة والصحيح جسرة عن عائشة، قال ابن أبي حاتم: قال أبو زرعة: جسرة عن أم سلمة والصحيح جسرة عن عائشة اهـ نقلا عن (تفسبر ابن كثير (1/ 475)، تمام المنة (ص118، 119).
إذن فالعلة في اضطراب جسرة من جهة، وتفردها بالحديث من جهة أخرى فهي لا تحتمل مثل هذا، وكذلك في جهالة أفلت، فكانت الخلاصة أن الحديث ضعيف وقد ضعفه الإمام أحمد والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن حزم كما سبق. وهو الصحيح إن شاء الله.
(5) تفسير آيات الأحكام ج 2 ص914.
(6) الذخيرة (1/ 307)
(7) أي خلافا للشافعي وأبي حنيفة.
(8) هو كثاب الجواهر الثمينة لابن شاس المالكي.
(9) حاشيته على الشرح الصغير للدردير (1/ 138)
(10) جواهر الإكليل 1/ 23.
(11) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 223)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير