ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[18 - 05 - 05, 10:42 م]ـ
ولك أبا سارة المصري ولهما غفر، ما اتصلت عين بنظر، وأذن بِنَبَر.
شيخنا الفهم الصحيح
تطيبت الصفحة للُقياك، واحمرّ بياضها لمُحياك،
وقد استهمت للظّفَر بك، والنيل من عطف قلمك،
فرِحة بك، وكأنك لا تكتب بيدك، وتكتب بكل جوارحك،
نعم نَعم، تتقاتل الحروف على باب فمك، وتتزين لتنال رضى قلمك
مَن منهن السُّعدى بالقال، من منهن التي بالبال،
إنّ ما أنقله عن الأخلاق هو شيء نظري،
ولكن حضورك بين إخوانك بهذا الخلق هو تطبيق عملي،
ولولا أنني أخشى التراب على وجهي من أهل الملتقى، أهل الغيرة على السنة ووأصحاب التقى،
لزِدْت.
شيخنا الفهم الصحيح:
ثق بالله ثم بنفسك، وارفع رأسك فأنت على خير عظيم إن شاء الله، يا ليتنا كنا في تواضعك مع علمك، ولم يجتمعا إلا لمن اصْطُفي، و مِن مرض القلوب شُفِي،
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه. آمين
- من لم يحفظ لسانه لم يعقل دينه -
لسان العاقل يكون وراء قلبه، فإذا أراد القول رجع إلى القلب، فإن كان له قال، وإلا فلا، و الجاهل قلبه في طرف لسانه، ما أتى على لسانه تكلم به، وما عقل دينه من لم يحفظ لسانه.
- الصمت وأدب اللسان -
إن كلَّ كلام يكرهه سامعه لا يجسر عليه قائله وإن كان ناصحاً مشفقاً إلا إذا كان المقول له عاقلاً، فإن اتفق ذلك حمل القول على المحبة وعلم ما فيه من النصيحة، لأن ما كان فيه من نفع فهو له.
- السكوت عن القبيح فضيلة -
العاقل لا يبتدئ الكلام إلا أن يسأل ولا يقول إلا لمن يقبل، ولا يجيب إذا شُوتم، ولا يجازي إذا أُسمع، لأن الابتداء بالصمت وإن كان حسناً، فإن السكوت عند القبيح أحسن منه.
- بفمِه يفتضح الكذوب -
اللسان سَبع عقور، إن ضبطه صاحبه سلم، وإن خلى عنه عقره، وبفمه يفتضح الكذوب، فالعاقل لا يشتغل بالخوض فيما لا يعلم، فيُتهم فيما يعلم، لأن رأس الذنوب الكذب، وهو يبدي الفضائح ويكتم المحاسن، ولا يجب على المرء إذا سمع شيئاً يعيبه أن يحدث به، لأن من حدث عن كل شيء أزرى به، وأفسد صدقه.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[19 - 05 - 05, 01:28 ص]ـ
- التثبت من الاخوان فيما ورد عنهم ولا يكثر المعاتبة -
من وُشي إليه عن أخ كان الواجب عليه معاتبته على الهفوة إن كانت، وقبول العذر إذا اعتذر، وترك الإكثار من العتب، مع توطين النفس على الشكر عند الحفاظ، وعلى الصبر عند الضياع، وعلى المعاتبة عند الإساءة.
والواجب على العاقل أن لا يقصّر عن معاتبة أخيه على زلته، لأن من لم يعاتب على الزلةلم يكن بحافظ للخلة، ومن أعتب لم يذنب، كما أن من اغتفرلم يعاقب، وظاهر العتاب خير من مكتوم الحقد، ورب عتب أنفع من صفح.
ولا يجب على العاقل أن يناقش على تصحيح الإعتاب بالإكثار؛ مخافة أن يعود المعاتب إلى ما عوتب عليه، لأن من عاتب على كل ذنب أخاه، فحقيق أن يملّه ويقلاه، وإن من سوء الأدب كثرة العتاب، كما أن من أعظم الجفاء ترك العتاب، والإكثار في المعاتبة يقطع الود، ويورث الضد.
- كتمان السر محمود -
من حصن بالكتمان سره؛ تم له تدبيره، وكان له الظفر بما يريد، والسلامة من العيب و الضرر، وإن أخطأه التمكن والظفر، والحازم يجعل سره في وعاء، ويكتمه عن كل مستودع، فإن اضطره الأمر وغلبه أودعه العاقل الناصح له، لأن السر أمانة، وإفشاؤه خيانة، والقلب له وعاؤه، فمن الأوعية ما يضيق بما يودع، ومنها ما يتسع لما استودع.
- من أُستودع سرا فليكتمه -
الإفراط في الاسترسال بالأسرار عجز، وما كتمه المرء من عدوه؛ فلا يجب أن يظهره لصديقه، وكفى لذوي الألباب عبراً ما جربوا، ومن استودع حديثاً فليستر، ولا يكن مهتاكاً ولا مشيعاً، لأن السر إنما سمي سراً، لأنه لا يُفشى، فيجب على العاقل أن يكون صدرُه أوسع لسره من صدر غيره بأن لا يفشيه.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[19 - 05 - 05, 12:14 م]ـ
- أحسن لباس يلبسه المرء: الفصاحة -
الفصاحة أحسن لباس يلبسه الرجل وأحسن إزار يتزّر به العاقل،
والأدب صاحب في الغربة، ومؤنس في القلة، وزين في المحافل، وزيادة في العقل، ودليل على المروءة،
ومن استفاد الأدب في حداثته انتفع به في كبره، لأن من غرس فسيلاً يوشك أن يأكل رُطبها، وما يستوي عند أولى النهى،
ولا يكون سيان عند ذوي الحجى،
رجلان: أحدهما يلحن، والآخر لا يلحن.
- المودة وحفظ السر -
لا شيء أفضل من المودة،
ومن خلصت مودته كان أهلاً أن يخلطه الرجل بنفسه ولا يذخر عنه شيئاً ولا يكتمه سراً؛
ولا يمنعه حاجته ومراده إن قدر على ذلك،
ورأس الأدب حفظ السر، فإن كان السر عند الأمين الكتوم فقد احترز من التضييع لأنه خليق أن لا يتكلم به،
ولا يُكتم سرٌّ بين اثنين قد علماه وتفاوضا فيه،
ولا يكون سراً لأن اللسانين قد تكلما به، فإذا تكلم بالسر اثنان فلا بد من ثالث من جهة الواحد أو من جهة الآخر،
فإذا صار إلى الثلاثة فقد شاع وذاع حتى لا يستطيع صاحبه أن يجحده ويكابر فيه،
كالغيم إذا كان متقطعاً في السماء فقال قائل:
إن هذا الغيم متقطع لا يقدر أحد على تكذيبه.
- إفشاء السر مفسدة -
إن فساد عامة الأشياء يكون من حالتين:
إحداهما إفشاء السر، والأخرى ترك عقوبة من يستوجب العقوبة.
من حصن سرّه ظفر
من حصَّن سره فله بتحصينه خصلتان:
الظفر بحاجته؛ والسلامة من السطوات؛
وإظهار الرجل سرّ غيره أقبح من إظهار سر نفسه؛
لأنه يبوء بإحدى وصمتين:
إما بالخيانة إن كان مؤتمنا؛ أو النميمة إن كان مستودعا.
¥