ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[19 - 05 - 05, 11:19 م]ـ
من حصن سرّه ظفر
من حصَّن سره فله بتحصينه خصلتان: الظفر بحاجته؛ والسلامة من السطوات؛ وإظهار الرجل سرّ غيره أقبح من إظهار سر نفسه؛ لأنه يبوء بإحدى وصمتين: إما بالخيانة إن كان مؤتمنا؛ أو النميمة إن كان مستودعا
حسن الكلام لا يتم إلا بحسن العمل
اعلم أن حسن الكلام لا يتم إلا بحسن العمل، وأن المريض الذي قد علم دواء مرضه إن لم يتداو به لم يغن علمه به شيئاً، ولم يجد لدائه راحة ولا خفة، فاستعمل رأيك و لاتحزن لقلة المال، فإن الرجل ذا المروءة قد يُكرم على غير مال؛ كالأسد الذي يُهاب وإن كان رابضاً، و الغني الذي لا مروءة له يهان وإن كان كثير المال؛كالكلب لا يُحفَلُ به وإن طُوِّق وخُلخِل بالذهب، فلا تَكبُرَنَّ عليك غربتك، فإن العاقل لا غربة له كالأسد الذي لا ينقلب إلا ومعه قوته.
جرح اللسان أشد من جرح السنان
اعلم أن الفأس يُقطع بها الشجر فيعود ينبت، والسيف يَقطع اللحمَ ثم يرجع فيندمل، واللسان لا يندمل جرحه ولا تُنسىمقاطعه، والنصل من السهم يغيب في اللحم ثم ينزع فيخرج، وأشباه النصل من الكلام إذا وصلت إلى القلب لم تُنزَع ولم تُستخرَج، ولكل حريق مطفئ، فللنار الماء، وللسم الدواء، وللحزن الصبر، وللعشق الفرقة، ونار الحقد لا تخبو أبداً.
من الكلام ما ينبت الأحقاد والضغائن
إذا كان الكلام أفظع كلام يلقى منه سامعه وقائله المكروه مما يورث الحقد والضغينة، فلا ينبغي أن تسمى أشباه هذا الكلام كلاماً ولكن سهاماً، وإنَّ الكلام الرديء هو الذي يرمي صاحبه في الحقد و العداوة، والعاقل إن كان واثقاً بقوته وفضله؛ لا ينبغي أن يحمله ذلك على أن يجلب العداوة على نفسه اتكالاً على ما عنده من الرأي والقوة، كما أنه وإن كان عنده الترياق لا ينبغي له أن يشرب السم اتكالاً على ما عنده.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[19 - 05 - 05, 11:38 م]ـ
جرح اللسان أشد من جرح السنان انتهى
جراحات السنانِ لها التئامُ ** ولا يلتامُ ما جرح اللسانُ
يلتام (إنْ شاء الله).
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[20 - 05 - 05, 11:43 م]ـ
- احتقار الناس مفسدة -
العاقل لا يستحقر أحداً، لأن من استحقر السلطان أفسد دنياه، ومن استحقر الأتقياء أهلك دينه، ومن استحقر الإخوان أفنى مروءته، ومن استحقر العوام أذهب صيانته.
- فضائل الرجال ما نسبهاالناس إليهم -
العاقل يبذل لصديقه نفسه وماله، ولمعرفته رفده ومحضره، ولعدوه عدله وبره، وللعامة بشره وتحيته، ولا يستعين إلا بمن يحب أن يظفر بحاجته عنده، ولا يحدث إلا من يرى حديثه مغنماً، إلا أن يغلبه الاضطرار عليه، ولا يدعي ما يحسن من العلم، لأن فضائل الرجال ليست ما ادّعوها ولكن ما نسبها الناس إليهم.
- خصال تورث الاستثقال -
الواجب على العاقل مجانبة الخصال التي تورثه استثقال الناس إياه؛ وملازمة الخصال التي تؤدي إلى محبتهم إياه، ومن أعظم ما يُتوسل به إلى الناس ويُستجلب به محبتهم، البذلُ لهم مما يملك المرء من حُطام هذه الدنيا، واحتمالُه عنهم ما يكون منهم من الأذى، فلو أن المرء صحبه طائفتان: أحدهما تحبه، والأخرى تبغضه، فأحسن إلى التي تبغضه، وأساء إلى التي تحبه، ثم أصابته نكبة فاحتاج إليهما، لكان أسرعهما إلا خذلانه وأبعدهما عن نصرته الطائفة التي كانت تحبه، لأن الكلب إذا شبع قوي، وإذا قوي أمّل، وإذا أمّل تبع المأمول، وإذا جاع ضعف، وإذا ضعف أيس، وإذا أيس ولى عن المتبوع، فمن عدم المال فليبسط وجهه للناس، فإن ذلك يقوم مقام بذل المعروف، إذ هو أحد طرفيه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 05 - 05, 01:05 ص]ـ
شيخنا الفهم الصحيح
تطيبت الصفحة للُقياك، واحمرّ بياضها لمُحياك،
وقد استهمت للظّفَر بك، والنيل من عطف قلمك،
فرِحة بك، وكأنك لا تكتب بيدك، وتكتب بكل جوارحك،
نعم نَعم، تتقاتل الحروف على باب فمك، وتتزين لتنال رضى قلمك
مَن منهن السُّعدى بالقال، من منهن التي بالبال،
إنّ ما أنقله عن الأخلاق هو شيء نظري،
ولكن حضورك بين إخوانك بهذا الخلق هو تطبيق عملي،
ولولا أنني أخشى التراب على وجهي من أهل الملتقى، أهل الغيرة على السنة ووأصحاب التقى،
لزِدْت.
لله درك كيف نظمت هذه الكلمات وجمعتها وسبكتها هذا السبك العجيب والمتناسق، ولا أخفيكم سرا - شيخنا الفاسي - أني أعدت قراءتها مرارا وتكرارا، ولم أزدد إلا تعجبا وإعجابا.
ولا غرو فقد خرجت من شيخ فاضل عرف لأهل الفضل فضلهم (وهو منهم) في حق شيخ كريم أعاننا الله على رد شئ من حقه وقدره.
حفظ الله الجميع وزادنا الله وإياهم من فضله.
وهذه هدية، فأرجو قبولها:
لله درك قد حباك بفضله ... خلقا تجاوز في الثناء نشيد
أوتيت قلبا كالنسائم رقة .... قبل القريب عطاؤه لبعيد
بيني وبينك ألفة ومحبة .... يسقي كلانا غرسها لمزيد
بيني وبينك يا أخي تواصل .... لو غاب صوتي فالدعاء بريد
¥