تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الاستشراق فإني كنت قد ضعفتُ رواية من روايات مسلم دون المتن، بعد أن صححها الشيخ الفاضل في كتابه (بين الإمامين)، مع أن هذه الرواية قد أعلها الإمام البخاري والدارقطني والنسائي وغيرهم، ولم

أكن في ذلك بدعا.

وأما هدم السنة وهدم صحيح مسلم فإني قلت إن مسلما له منهج في ترتيب الأحاديث، فيقدم الأصح فالأصح، كما أنه (رحمه الله) يشرح فيه العلل حسب المناسبة وعلى سبيل الندرة، وذلك عند الشيخ – سامحه الله تعالى - هدم لصحيح مسلم وهدم للسنة.

مع أني ذكرت ذلك بناء على ما ذكره مسلم في صحيحه، ثم شرحه القاضي عياض، ولم يعترض عليه أحد من الأئمة، وقد كان العلامة المعلمي يقول بأن مسلماً يقدم في الباب الأصح فالأصح، وكان الحافظ ابن حجر يعقب على تتبع الدارقطني قائلا بأن البخاري إنما أورده لبيان الاختلاف،

وقد سبقني أيضا في ذلك هذا الشيخ نفسه في رسالة الماجستير، التي أقرتها لجنة المناقشة، ثم طبعت في الهند، واستمر الكتاب على حاله، وبقي الشيخ في رأيه ذلك، إلى أن جاء الحوار بيني وبينه، ولما بينت له بالأرقام تناقضه مع نفسه، تراجع عن ذلك، وتاب.

ولا أدري ما شأن الأساتذة عنده ممن أجازوا له هذه الرسالة التي

كانت تقول بأن مسلما إنما ذكره في صحيحه لبيان العلة أو لبيان

الاختلاف؟

وأما البهائية فإني كنت أرقم النصوص تسهيلا للقارئ على التركيز.

اسمعوا يا إخواني!! هذه هي الأسباب التي من أجلها اتهمني الشيخ

بالصوفية، والتحايل الصوفي، والاستشراق والبهائية وأنا بريء من ذلك

كله، كما قام بالتلفيق بين أقوالي المختلفة لينسب إلي ما لم أقصده

أصلا، ولم أقله، كما زعم علي القول بأن مسلما يشرح العلل بترتيب

الأحاديث، وعلى الرغم من توضيحي المتكرر بأنني لم أقل ذلك أبدا،

وأن ذلك مسألتان منفصلتان، لا صلة بينهما، اقرأ كتابي (عبقرية مسلم في ترتيب الأحاديث)، وإن هذا الكتاب كله لبيان أوجه الترتيب، ولم أشرح فيه مسألة شرح العلة أصلا، وعندي كتاب مستقل في ذلك، وسأبدأ قريبا بتبييضه (إن شاء الله تعالى).

اسمعوا أخواني أيضا!!! أنه لم يكن بيني وبين الشيخ لقاء ولا

مجالسة، وحتى ما سمعت صوته حتى هذا اليوم، فإذا هو يصبح أعلم الناس بي من الذين كانوا يجالسونني صباح ومساء منذ سنوات طويلة من الطلاب والزملاء.

وبما أن الشيخ قد آذاني بغير ما اكتسبت، فإن الذي يطمئنني ويسعفني هو أنه تعالى يعلم ما في نفسي، وبراءتي مما يزعم علي هو وأتباعه.

وليس بعيدا على القارئ أن الحوار الذي كان بيني وبينه إنما هو في

المجال العلمي فقط عن طريق المراسلة، ولا صلة له بالعقيدة، لا من

قريب ولا من بعيد، لكنه كعادته حوَّل القضية العلمية إلى قضية

عقدية عقاباً لي بسبب اعتراضي عليه في المجال العلمي الذي يكون

الإنسان فيه معرضا للخطأ، ولاستقطاب الناس حوله.

وأين تقوى هؤلاء الناس؟ أولا يخشون الله تعالى في إيذاء المؤمنين،

بغير ما اكتسبوا، وأني لم أعمل شيئا، ولم أقل شيئا يدعوهم إلى ذلك

الإيذاء، على حساب السنة والعقيدة، سوى أني بينت لرئيسهم خطأه

العلمي بتواضع وأدب. وكان عليه أن يناقشني علميا، دون أن يتهمني في العقيدة.

وإني أحب أن أسجل هنا آية عظيمة من القرآن الكريم، لألفت الانتباه

إلى أن الإنسان المسلم ينبغي أن يكون صاحب خلق كريم في التعامل مع مخالفه، أو مع من عمل شيئا ضده، أو ضد كرامته، أو عرضه.

لما أنزل الله الآيات في براءة عائشة أم المؤمنين قال أبو بكر رضي

الله تعالى عنه - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره

- والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال في عائشة، فأنزل الله

تعالى: {ولايأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى

والمساكين والمهاجرين في سبيل الله، وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون

أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}.

فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح

النفقة التي كان ينفق عليه، وقال والله لا أنزعها منه أبدا.

وإذا كان هذا الخلق العظيم الذي يعلمنا القرآن الكريم تجاه من آذى

النبي الكريم، وكيف ينبغي أن يكون موقف مسلم تجاه المخالف في مجال علمي لا صلة له بالعقيدة، حتى وإن كان هذا المخالف مخطئا.

وكم يكون الإنسان صابرا ومتحملا لما يتعرض له من إيذاء بغير ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير