تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن من أسعد الناس من كان في غناه عفيفاً، وفي مسكنه قنعاً، لأن من نزل به الفقر لم يجد بُداً من ترك الحياء، والفقرُ يذهب العقل و المروءة، ويذهب العلم والدب، وكاد الفقر أن يكون كفراً، ومن عُرف بالفقر صار مَعْدِناً للتهمة، ومجمعاً للبلايا، اللهم إلا أن يرزق المرء قلباً نقياً قنعاً، يرى الثواب المدَّخر من الضجر الشديد، فحينئذ لا يبالي بالعالم بأسرهم والدنيا وما فيها، والفقر داعية إلى المَهانة، كما أن الغنى داعية إلى المهابة.

- من أراد بلوغ حاجته -

لا يجب على العاقل أن يتوسل في قضاء حاجته بالعدو، ولا بالأحمق، ولا بالفاسق، ولا بالكذَّاب، ولا بمن له عند المسؤول طعمه، ولا يجب أن يجعل حاجتين في حاجة، ولا أن يجمع بين سؤال وتَقاض، ولا يظهر شدة الحرص في اقتضاء حاجته، فإن الكريم يكفيه العلم بالحاجة دون المطالبة والاقتضاء.

- لا تغتر بزهرة الدنيا -

الواجب على العاقل أن لا يغتر بالدنيا وزهرتها، وحسنها و بهجتها، فيشتغل بها عن الآخرة الباقية، و النعم الدائمة، بل ينزلها حيث أنزلها الله، لأن عاقبتها لا محالة تصير إلى فناء، يخرب عمرانها، ويموت سكانها، وتذهب بهجتها وتبيد خُضرْتها، فلا يبقى رئيس متكبر مؤمر؛ ولا فقير مسكين محتقر، إلا ويجري عليهم كأس المنايا، ثم يصيرون إلى التراب، فيبلون حتى يرجعوا إلى ما كانوا عليه في البداية إلى الفناء، ثم يرث الأرض ومن عليها علام الغيوب، فالعاقل لا يركن إلى دار هذا نعتها، ولا يطمئن إلى دنيا هذه صفتها، وقد ادخر له ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيضن بترك هذا القليل، ويرضى بفوت ذلك الكثير.

- تلمس القلوب -

إذا أردت أن تعلم عدوك من صديقك ففكر في نفسك فإن لم يكن قلبك له سليماً فاعلم أنه لك كذلك.

- البلاء في الدنيا يسوقه الحرص والشره -

البلاء في الدنيا يسوقه الحرص والشره، لأنهما لا يزالان يدخلان صاحبهما من شيء إلى شيء، و الأشياء لا تنفذ ولا تنتهي ولا يزال صاحب الدنيا في بلية وتعب ونصب، ووجدت ركوب الأهوال وتجشم الأسفار البعيدة في طلب الدنيا أهون من بسط اليد إلى السخيّ بالمال، فكيف بالشحيح به، ولم أرَ كالرضى شيئاً، ووجدت العلماء قد قالوا: لا عقل كالتدبير؛ ولا ورع ككف الأذى؛ ولا حسب كحسن الخلق، ولا غنى كالرضى، وأحق ما صبّر الإنسانُ على الشئ نفسه، وأفضل البر الرحمة، ورأس المودة الاسترسال، ورأس العقل معرفة ما يكون مما لا يكون، وقالوا: الخرس خير من اللسان الكذوب، والضر والفقر خير من النعمة والسعة من أموال الناس.

ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[07 - 06 - 05, 01:41 م]ـ

- الحذر من العدو -

قارب عدوك بعض المقاربة لتنال حاجتك ولاتقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك ويضعف جندك وتذل نفسك، ومثل ذلك مثل الخشبة المنصوبة في الشمس إذا أملتها زاد ظلها، وإذا جاوزت بها الحد في إمالتها نقص الظل.

ولا خير للضعيف في قرب العدو القوي، ولا الذليل في قرب العدو العزيز.

- إذا أرسلت رسولا فابعث ذا أدب -

إعلم أن الرسول برأيه وعقله ولينه وفضله يخبر عن عقل المرسل، فعليك باللين والرفق والحلم والتأني، فإن الرسول هو الذي يلين الصدور إذا رفق؛ ويخشن الصدور إذا خرق.

- اختبار الناس ومعاملتهم -

لا ينبغي لذي العقل أن يحتقر أحداً من الناس حتى البهائم، ولكن خليق أن يبلوهم ويختبرهم ويكون ما يصنع إليهم على قدر ما يرى منهم، فقد يكون الخير عند من يظن به الشر، والشر عند من يظن به الخير.

- معاملة الناس بما يصلح لكل واحد منهم -

ابذل لصديقك دمك ومالك، ولمعرفتك رفدك ومحضرك، وللعامة بشرك وتحننك، ولعدوك عدلك، واضنن بدينك وعرضك عن كل أحد.

- لا تخلطن بالجد هزلاً، ولا بالهزل جداً -

إن آثرت أن تفاخر أحداً ممن تستأنس له في لهو الحديث، فاجعل غاية ذلك الجد، ولا تبدون أن تتكلم فيه بما كان هزلاً، فإذا بلغ الجد أو قاربه فدعه؛ ولا تخلطن بالجد هزلاً، ولا بالهزل جداً؛ فإنك إن خلطت بالجد هزلاً هجنته، وإن خلطت بالهزل جداً كدرته، غير أني قد علمت موطناً واحداً إن قدرت أن تستقبل فيه الجد بالهزل؛ أصبت الرأي؛ وظهرت على الأقران، وذلك إن يتوردك مورد بالسفه و الغضب، فتجيبه إجابة الهازل المداعب برحب من الذرع، وطلاقة من الوجه وثبات من المنطق.

ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[08 - 06 - 05, 04:18 م]ـ

- صبر المرء على ما يكره -

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير