ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[15 - 06 - 05, 03:05 م]ـ
- حفظ المودة والإخاء -
لعمري لا يستطيع أحد أطال صحبة صاحب أن يحترس في كلّ شيء من أمره؛ ولا يتحفظ من أن يكون منه كبيرة أو صغيرة يكرهها صاحبه، ولكن الرجل ذا العقل والوفاء إذا سقط عنده صاحبه سقطة نظر فيها وعرف قدر مبلغ خطئِه عمداً كان أو خطأ، ثم ينظر هل في الصفح عنه أمر يخاف ضرره وشينه؛ فلا يؤاخذ صاحبه بشيء يجد فيه إلى الصفح عنه سبيلاً.
- مودة من لا وفاء له مضيعة -
لا شيء أضيع من مودة تمنح لمن لا وفاء له، وحباء يصطنع عند من لا شكر له، وأدب يحمل إلى من لا يتأدب به ولا يسمعه؛ وسر يستودع من لا يحفظه؛ وإن الشجرة المرة لو طليت بالعسل لم يجْدِها ذلك شيئاً، وإن صحبة الأخيار تورث الخير؛ وصحبة الأشرار تورث الشر، كالريح إذا مرت بالطيب حملت طيباً، وإذا مرت بالنتن حملت نتناً.
- التماس الأخوة بغير وفاء حمق -
العاقل يتفقد ترك الجفاء مع الإخوان، ويراعي محوها إن بدت منه، ولا يجب أن يستضعف الجفوة اليسيرة، لأن من استصغر الصغير يوشك أن يجمع إليه صغيراً، فإذا الصغير كبير، بل يبلغ مجهوده في محوها، لأنه لا خير في الصدق إلا مع الوفاء، كما لا خير في الفقه إلا مع الورع، وإن من أخرق الخرق التماس المرء الإخوان بغير وفاء، وطلب الأجر بالرياء، ولا شيء أضيع من مودة تمنح من لا وفاء له، وصنيعة تصطنع عند من لا يشكرها.
- مشاورة الاخوان -
من كتم السلطان نصيحته؛ والأطباء مرضه؛ والإخوان رأيه؛ فقد خان نفسه؛ ومن التمس الرخص من الإخوان عند المشاورة؛ ومن الأطباء عند المرض؛ ومن الفقهاء عند الشبهة فقد أخطأ منافع الرأي؛ وازداد فيما وقع فيه من ذلك تورطاً؛ وحمل الوزر.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[16 - 06 - 05, 03:33 م]ـ
- ميراث الصحبة -
العاقل يلزم صحبة الأخيار، ويفارق صحبة الأشرار، لأن مودة الأخيار سريع اتصالها؛ بطئٌ انقطاعها، ومودة الأشرار سريع انقطاعها؛ بطئٌ اتصالها، وصحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومن خادن الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم، فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب؛ لئلا يكون مريباً، فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير؛ كذلك صحبة الأشرار تورث الشر.
- تدنيس العرض بصحبة الأشرار -
العاقل لا يُدنس عرضه؛ ولا يعود نفسه أسباب الشر بلزوم صحبة الأشرار؛ ولا يُغضي عن صيانة عرضه ورياضة نفسه بصحبة الأخيار؛ على أن الناس عند الخبرة يتبين منهم أشياء ضد الظاهر منها.
- الوحدة خير من جليس السوء -
لصاحبٌ صالحٌ خير من الوحدة، والوحدة خير من صاحب السوء، ومملي الخير خير من الساكت، والساكت خير من مملي الشر.
- صحبة السوء قطعة من النار -
العاقل لا يصاحب الأشرار، لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار؛ تُعقب الضغائن، فلا يستقيم وده، ولا يفي بعهده، وإن من سعادة المرء خصالاً أربعاً: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبراراً، وإخوانه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده، وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيراً؛ تكون مجالسة الكلب خير من عشرته، ومن يصحب السوء لا يسلم، كما أن من يدخل مداخل السوء يتهم.
- من كان أصدقاؤه أشرارا فهو شرهم -
الواجب على العاقل أن يستعيذ بالله من صحبة من إذا ذكر الله لم يُعنْه؛ وإن نسي لم يذكره؛ وإن غفل حرضه على ترك الذكر، ومن كان أصدقاؤه أشراراً كان هو شرهم، وكما أن الخيِّر لا يصحب إلا البررة، كذلك الرديّ لا يصحب إلا الفجرة، والواجب على المرء إذا اضطره الأمر أن يصحب أهل المروءات.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 05:49 م]ـ
- إغاظة الحاسد في اكتساب الفضائل -
إن حسدك أحد من أخوانك على فضيلة ظهرت منك فسعى في مكروهك أو تقوّل عليك مالم تقل؛ فلا تقابله بمثل ما قابلك به؛ فيعذر نفسه في الإساءة؛ وتشرع له طريقا لما يحبه فيك؛ولكن اجتهد في التزيد من تلك الفضيلة التي حسدك عليها؛ فإنك تسوؤه من غير أن توجه عليك حجة0
- ربما انتفع المرء بحاسده -
أعداء المرء في بعض الأوقات ربما كانوا أنفع من إخوانه؛ لأنهم يهدون إليه عيوبه فيتجنبها؛ ويخاف شماتتهم فيضبط نعمته؛ ويتحرز من زوالها بمقدار جهده0
- الصاحب ساحب -
لا تصحب الشرير؛ فإن طبعك يسرق من طبعه سرّا وأنت لا تعلم
- من رزقه الله مودة امرئ فيليتمسك بها -
الواجب على العاقل إذا رزقه الله ودَّ امرئٍ مسلمٍ صحيحِ الوداد محافظٍ عليه؛ أن يتمسك به، ثم يوطن نفسه على صلته إن صَرَمه؛ وعلى الإقبال عليه إن صَدّ عنه، وعلى البذل له إن حرمه، وعلى الدنو منه إن باعده، حتى كأنه ركن من أركانه، وإنَّ من أعظم عيب المرء تلونه في الوداد.
- شر الإخوان من خذل إخوانه -
شر المال ما لا إنفاق فيه، وشر الأزواج التي لا تؤاتي بعلها، وشر الولد العاصي العاق لوالديه، وشر الإخوان الخاذل لأخيه عند النكبات والشدائد؛ والذي يحصي السيئات ويترك الحسنات؛ وشر الملوك الذي يخافه البريء ولا يواظب على حفظ أهل مملكته، وشر البلاد بلاد بلا خصب فيها و لا أمن.
¥