ومنه يظهر شهرة هذا الاسم على غيره من الأسماء؛ كعلم فروع الدين وعلم الشريعة؛ ومن أصحاب المذاهب من ذكر ذلك أيضا كابن عابدين ـ رحمه الله ـ في كتابه " رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار" (9) بقوله " اسمه الفقه "
تنبيه:
ولتقاربه مع علم أصول الفقه أطلق عليهما عند إجتماعهما بـ " علم الدراية " وهذا ما أضافه التهانوي ـ رحمه الله ـ في كتابه:" كشاف اصطلاحات الفنون " (10) بقوله: (يسمي هو وعلم أصول الفقه بعلم الدراية) فالفقه هو الاسم الأشهر لهذا العلم ـ علم فروع الدين ـ وبه جاء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ
فائدة:
ذكر الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ (أن الناس تصرفوا في اسم الفقه، فخصوه بعلم الفتاوى والوقوف على دلائلها وعللها. واسم الفقه في العصر الأول كان مطلقاً على علم الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس، والإطلاع على الآخرة وحقارة الدنيا، ولذا قيل: الفقيه هو الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، البصير بذنبه،المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف عن أعراض المسلمين.ذكر ذلك التهانوي ـ رحمه الله ـ عند حديثه عن علم الفقه في كشافه المسمي " كشاف اصطلاحات الفنون " (11)
• ثامنا ً: الاستمداد.
أن لكل علم مورد يستقي من معينه ويستمد الريّ منه على الدوام، ومشارب علم الفقه غزيرة غزارة العلوم الإلاهيه التي استقى منها، وقد أوضح ذلك علماء عده منهم طاش كبري زاده ـ رحمه الله ـ في كتابه " مفتاح دار السعادة " (12) بقوله: (استمداده من سائر العلوم الشرعية والعربية) وبه قال القنوجي ـ رحمه الله ـ في كتابه " أبجد العلوم" (13).
زاد ذلك إيضاحاً الحصكفي الحنفي ـ رحمه الله ـ في كتابه " الدر المختار" (14) بقوله: (استمداده من الكتاب والسنة والإجماع والقياس)
وبنحوه قال ابن نجيم (15) ـ رحمه الله ـ وكذا العلامة السيد الدمياطي (16) ـ رحمه الله ـ.
وأضاف شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ـ رحمه الله ـ في كتابه " فتح الوهاب " (17) على ما سبق ذكره من مواطن الاستمداد سائر الأدلة المعروفة فقال: (من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وسائر الأدلة المعروفة).
وفيه يعلم أن علم الفقه مستمد من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح، وغيرها من الأدلة التي أوصلها بعضهم الى أكثر من ثلاثين دليلا.
تاسعا ً: حكم الشارع
لقد وضع الشارع الحكيم المنهج الإلاهي للمكلفين , وأنار للسالكين الطريق؛ ليسيروا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وأبان الأحكام وشرع الشرائع لألا يكون للناس حجة.
ومن علوم الشريعة: علم فروع الدين الوجوب حكما على نوعيه العيني أوالكفائي ,وعن حكمه يقول العلامة السيد الدمياطي ـ رحمه الله في كتاب " أعانة الطالبين " (1) ـ بقوله: (حكمه: الوجوب العيني أوالكفائي).
ومقدار التحصيل من هذا العلم المبارك يختلف باختلاف المكلفين فيجب على كل مكلف من هذا العلم ما لابد منه ذكر ذلك ابن عابدين ـ رحمه الله في (2) ـ بقوله: (حكم الشارع فيه: وجوب تحصيل المكلف ما لابد منه).
وفي الزيادة تحصيل لملكة الاقتدار على الأعمال الشرعية (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)
• عاشرا ً: مسائله.
لكل علم من العلوم مسائل يبحث فيها، ويخوض في أغوارها ويجلى ما بها من دقائق تعظم بعظم العلم الذي أسفر عنها، ومسائل علم الفقه هي الأحكام الشرعية العملية كما ذكر ذلك التهانوي في كتابه " كشا ف اصطلاحات الفنون" (3) فقال: (مسائله الأحكام الشرعية العملية)، وقد أشار الى مسائل علم الفقه ابن عابدين ـ رحمه الله ـ في كتابه " رد المحتار " (4) بقوله: (ومسائله: كل جملة موضوعها فعل المكلف،ومحورها أحد الأحكام الخمسة، نحو هذا الفعل واجب)،ومتى نظر المكلف منا لشأنه كله وجد علم الفقه برافقه على الدوام ويجالسه في كل مكان وزمان.
فالمسلم لا يحرك جوارحه إلا بمعرفة للأحكام الفقهية الشرعية، فأحكامه ومسائله بوبها الفقهاء في كتب الفقه الإسلامي ,على اختلاف مذاهب المدونين لها , يبين ذلك البهوتي في كتابه (5) و الرحيباني ـ رحمه الله ـ في كتابه " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (6) عند ذكرهما لمسائل علم الفقه بقولهما: (ما يذكر في كل باب من أبوابه على مذهب)
فعلم الفقه أضاء للمكلف مسائل العبادات؛ ليعبد الله على وفق منهج الله ـ عز وجل ـ ورسم له طريق المعاملات ليجد في الطلب والعمل , وبعد ذلك أبان له كيف يكون بناء لبنة البيت المسلم , وعلمه الحق الذي له والذي عليه لتتم به عصمة الدماء والأموال على الوجه الأكمل , وهذا مابينه أصحاب الشافعي بقولهم (للفقه أربعة أركان فقالوا: الأحكام الشرعية إما أن تتعلق بأمر الآخرة وهي العبادات، أو بأمر الدنيا، وهي إما تتعلق ببقاء الشخص،وهي المعاملات، أو ببقاء النوع باعتبار المنزل وهي المناكحات، أو باعتبار المدنية وهي العقوبات) (7). وهذه هي المحاور التي يدور حولها علم الفقه بمسائله.
وبهذا نكون قد أتينا على آخر ما يتعلق بالتعريف بـ (علم فروع الدين
ملحوظة:
تم نقل هذا الكلام من موقع كعبة العلم _ وهو موقع بإشراف فضيلة الشيخ صالح الأسمري-