تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حفرة من النار فأنقذنا منها، صلى على نبينا محمد كفاء ما أرشد وعلّم وبيّن، ونشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد وتركنا بعده على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده ? إلاّ هالك، وصلى الله وسلم على صحابته الذين نصروه وعزَّرُوه وأيدوه، وصلى الله على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنَّا معهم برحمة أرحم الراحمين.

أما بعد:

فأسأل الله جلّ وعلا أنْ يجعلني وإياكم ممن أعطاه قلبا خاشعًا ودعاءً مسموعًا، اللّهم اجعلنا ممن تخشعُ قلوبهم لك وتلين أفئدتهم لذكرك، اللّهم وهيّئ لنا من أمرنا رشدًا، فلا حول لنا ولا قوة إلاّ بك، نعوذ بك من إرادة العلو في الأرض والفساد، ونسألك أنْ تعيذنا من العِيّ، وأنْ تعيذنا من خطل الرّأي ومن البعد عن الصواب، اللّهم فوفقنا فأنت ولي التوفيق ?وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ? [الإسراء:97].

ثم إني أشكر في فاتحة هذه المحاضرة الإخوة الكرام في مكتب الدعوة والإرشاد في محافظة الخرج على أنْ دعوا لهذه المحاضرة واهتموا بها، وليس هذا بغريب فهم حريصون على الخير ويمثلهم فضيلة الأخ الشيخ عبد الرحمن الصغير وكذلك فضيلة الأخ الشيخ إمام المسجد وكذلك بقية الإخوة الكرام، فأسأل الله جلّ وعلا لهم المزيد من فضله وأنْ يتقبل ما بذلوا وما انتقلوا من أجل نشر الحق والهدى.

ثم إنّ هذه المحاضرة موضوعها ضوابط في فهم سيرة المصطفى ?، وهذه المحاضرة ليست موعظة من المواعظ، وإنما هي محاضرة تأصيلية في موضوع سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذن ربما انتفع منها الجميع وخُصّ بالانتفاع بها من كان له مساس وله صلة بالعلم والسنة والسيرة وبالدعوة والإرشاد، ولا شك أنّ سيرة المصطفى ? بها اهتم العلماء قديما وحديثا؛ وذلك لأنّ بهدي المصطفى ? تتبيّن الأشياء، وقد قال لنا جلّ وعلا: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ? [الأحزاب:21].

فالاهتمام بالسيرة لابدّ منه؛ لأنّ بالسيرة وبالاهتمام بها معرفةَ أحواله عليه الصلاة والسلام من ولادته إلى وفاته عليه الصلاة والسلام.

وبالسيرة يعلم المسلم ما كان عليه النبي ? وصحابته من نشر الدين، وما كابدوا فيه، وأنهم بذلوا ما بذلوا، وتركوا الأمة بعدهم على أمر واضح بيِّن، ولم ينتشر الإسلام بسهولة بل بذل فيه عليه الصلاة والسلام بتأييد من ربه جلّ وعلا، وبذل فيه أصحابه الكرام ما بذلوا، وهذا يظهر لك في السيرة.

ومن أوجه الاهتمام بالسيرة أيضا أنّ معرفة سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وإنّ معرفة سيرة الصحابة معه عليه الصلاة والسلام يبعث في قلوب أهل الإيمان القوة في الإيمان والقوة في اليقين وأنهم مهما تكالبت عليهم الأمور ومهما قوي الشيطان وجندُه فإنّ لهم في رسول الله ? أسوة حسنة وإنّ لهم في الصحابة الكرام أسوة حسنة، فقد شكا بعض الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام ما يلقى من شدة قريش عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: «قد كان من قبلكم يؤتى بالرجل فيُنشر بالمنشار نصفين ما بين لحمه وعظمه ما يردُّه ذلك عن دينه، فو الذي نفسي بيده ليُتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من مكة إلى صنعاء، -أو قال: من مصر إلى مكة-، لا يخاف إلاّ الله جلّ وعلا»، وهذا يُبيّن أنّ الحق ليس بكثرة الناس، وأنّ المؤمن إذا حصل له ما حصل من كيد الشيطان أو من كثرة الشهوات أو من كثرة المغريات فإنه يبعثه ذلك على الاستمساك أكثر وأكثر بدين الله جلّ وعلا؛ لأنّ الصحابة رضوان الله عليهم ما تركوا دينهم، ولم يتركوا توحيد الله، ولم يتركوا البراءة من الشرك، ولم يتركوا ما أمنوا به مع عظم ما أصابهم عليهم رضوان الله، فكيف بحال أهل هذا الزمان الذين ربما تركوا شيئا من الدين لبعض المغريات.

النظر في السيرة وقراءة السيرة يبعث في المؤمن قوة اليقين وقوة الاستعداد للثبات على دين الله، وكذلك يبعث في قلب المؤمن قوة العزة في الإسلام وأنه عزيز بتوحيد الله جلّ وعلا وعزيز بما قام في قلبه من معرفة الله والعلم به والإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام وبما أنزل الله جلّ وعلا على رسوله ?وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ? [المنافقون:8].

وهذا من ضمن فوائد كثيرة يستفيدها كل مؤمن في النظر في سيرة المصطفى ?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير