تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما النَّظَرُ إلى السَّماءِ فإنه محرَّم، بل مِن كبائر الذُّنوب؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نَهى عن ذلك، واشتدَّ قوله فيه حتى قال: «لينتهينَّ ـ يعني الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ـ أو لتُخطفنَّ أبصارُهم» [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftn10)، وفي لفظ: «أو لا ترجع إليهم» [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftn11). وهذا وعيد، والوعيد لا يكون إلا على شيء مِن كبائر الذنوب، بل قال بعضُ العلماءِ: إن الإِنسان إذا رَفَعَ بصرَه إلى السماءِ وهو يُصلِّي بطلتْ صلاتهُ، واستدلُّوا لذلك بدليلين:

الأول: أنَّه انصرفَ بوجهِه عن جهِة القِبْلةِ، لأنَّ الكعبةَ في الأرض، وليست في السَّماءِ.

الثاني: أنَّه فَعَلَ محرَّماً منهيًّا عنه في الصَّلاةِ بخصوصها، وفِعْلُ المحرَّمِ المنهيُّ عنه في العبادة بخصوصها يقتضي بطلانَها.

ولكن؛ جمهورُ أهل العِلم على أنَّ صلاتَه لا تبطل برَفْعِ بصرِه إلى السَّماءِ، لكنَّه على القول الرَّاجح آثمٌ بلا شَكٍّ؛ لأن الوعيد لا يأتي على فِعْلِ مكروه فقط.

إذاً؛ ينظرُ المصلِّي إما إلى تلقاء وجهه، وإما إلى موضعِ سجودِه في غير ما استُثنيَ. ولكن أيُّهما أرجح؟

الجواب: أن يختارَ ما هو أخشعُ لقلبِه؛ إلا في موضعين: في حال الخوف، وفيما إذا جَلَسَ، فإنه يرمي ببصره إلى موضع إشارته إلى أصبعه؛ كما جاءت به السُّنَّةُ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.

ومِن العجيب أن الذين قالوا: ينظر إلى الكعبة، علَّل بعضهم ذلك بأن النظر إلى الكعبة عبادة، وهذا التَّعليلُ يحتاجُ إلى دليلٍ، فمِن أين لنا أنَّ النَّظَرَ إلى الكعبة عبادةٌ؟ لأن إثبات أيِّ عبادةٍ لا أصل لها مِن الشرع فهو بدعة.

مسألة: إغماض العينين في الصَّلاةِ.

الصَّحيحُ أنَّه مكروهٌ؛ لأنه يُشبه فِعْلِ المجوس عند عبادتهم النيران، حيث يُغمضون أعينَهم. وقيل: إنه أيضاً مِن فِعْلِ اليهودِ، والتشبُّه بغير المسلمين أقلُّ أحواله التحريم، كما قال شيخ الإِسلام رحمه الله، فيكون إغماضُ البَصَرِ في الصَّلاةِ مكروهاً على أقل تقدير، إلا إذا كان هناك سبب مثل أن يكون حولَه ما يشغلُه لو فَتَحَ عينيه، فحينئذٍ يُغمِضُ تحاشياً لهذه المفسدة.

فإِن قال قائل: أنا أجِدُ نفسي إذا أغمضت عينيَّ أخشعُ، فهل تُفْتُونَني بأن أُغمِضَ عينيَّ؟

الجواب: لا، لأن هذا الخشوعَ الذي يحصُلُ لك بفِعْلِ المكروه مِن الشيطان، فهو كخشوعِ الصوفية في أذكارهم التي يتعبَّدونَ بها وهي بدعة، والشيطان قد يبعد عن قلبك إذا أغمضت عينيك فلا يوسوس، من أجل أن يوقعك فيما هو مكروه، فنقول: افْتَحْ عينيك، وحاول أن تخشعَ في صلاتِك.

أما أن تُغمِضَ عينيك بدون سببٍ لتخشعَ فلا؛ لأنَّ هذا مِن الشيطان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حواشي:

[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref1) - انظر: «المجموع» (3/ 270).

[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref2) - أخرجه الحاكم (1/ 479)؛ والبيهقي (5/ 158) عن عائشة أنه لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكعبة لم يخلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.

قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.

[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref3) - انظر: «الإنصاف» (3/ 424).

[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref4) - انظر: «نيل الأوطار» (1/ 749).

[5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref5) - أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب متى يسجد من خلف الإمام (690)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام والعمل بعده (474) (198).

[6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref6) - أخرجه البخاري، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف جماعة (1052)؛ ومسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (904) (10).

[7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref7) - أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإشارة في التشهد (990)؛ والنسائي، كتاب السهو، باب موضع البصر عند الإشارة وتحريك السبابة (3/ 39) (1274).

وقال النَّووي: «فيه حديث صحيح في سنن أبي داود». «شرح مسلم» (5/ 81).

[8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref8) - وانظر: «الإنصاف» (3/ 424).

[9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref9) - أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرخصة في ذلك، النظر في الصلاة (916)؛ والحاكم (2/ 83)، والبيهقي (2/ 9، 348).

قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.

[10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref10) - أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة (750)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة (428) (118).

[11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=postreply&t=31324#_ftnref11) - ) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة (428) (117).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير