[من القصص الواهية قصة "اللجوء إلى الغار عند الشدائد" للشيخ علي حشيش نصره الله]
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[31 - 05 - 05, 11:58 ص]ـ
قصة "اللجوء إلى الغار عند الشدائد".
أولاً: المتن
القصة تحكي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لابنه: "يا بني إن حدث في الناس حدث، فأت الغار الذي رأيتني اختبأت فيه أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فكن فيه، فإنه سيأتيك فيه رزقك غدوة وعشية".
وهذه القصة يذكرها القصاص والوعاظ بإسهاب وهي تدور حول هذا المتن.
ثانيًا: التخريج
الخبر الذي جاءت به هذه القصة أخرجه البزار (ح1178) كذا في "كشف الأستار" (2 - 49)، وابن عدي في "الكامل" (6 - 338) (196 - 1817) من طريق: خلف بن تميم، عن موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بكر الصديق به.
ثالثًا: التحقيق
هذا الخبر الذي جاءت به هذه القصة باطل والقصة واهية.
1 - فالخبر غريب حيث قال البزار: "لا نعلم رواه إلا خلف".
2 - علة هذا الخبر موسى بن مطير.
أ- أخرج العقيلي في "الضعفاء الكبير" (4 - 163 - 1734) عن يحيى بن معين قال: "موسى بن مطير كذاب".
ب- أورده النسائي في "الضعفاء والمتروكين" برقم (555) وقال: "موسى بن مطير: منكر الحديث".
ح- أورده الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" برقم (513) وقال: "موسى بن مطير، كوفي عن أبيه ... ومطير أبوه لا يعرف إلا به".
قلت: وقد يتوهم من لا دراية له بعلم الجرح والتعديل أن الدارقطني سكت عنه ولا يدرى أنه بمجرد ذكر اسم موسى بن مطير في كتاب "الضعفاء والمتروكين" للدارقطني يجعل موسى بن مطير من المتروكين، حيث قال البرقاني: طالت محاورتي مع ابن حمكان للدارقطني عفا الله عني وعنهما في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات. كذا في مقدمة الضعفاء والمتروكين للدارقطني.
د- أورده الإمام ابن أبي حاتم في كتاب "الجرح والتعديل" (8 - 162 - 717) وقال: "موسى بن مطير روى عن أبيه عن أبي هريرة روى عنه خلف بن تميم، سألت أبي عن موسى بن مطير فقال: متروك الحديث ذاهب الحديث".
ه- وأورده ابن حبان في "المجروحين" (2 - 242) وقال: "موسى بن مطير كان صاحب عجائب ومناكير لا يشك المستمع لها أنها موضوعة إذْ كان هذا الشأن صناعته".
قلت: لذلك أورد هذه القصة الإمام الذهبي في "الميزان" (4 - 223 - 8928) وجعلها من مناكير موسى بن مطير.
ووافقه الحافظ ابن حجر في "اللسان" (6 - 154) (1903 - 8688). ونقل عن أحمد أن الناس تركوا حديثه.
ونقل عن أبي نعيم: أن موسى بن مطير روى عن أبيه عن أبي هريرة أحاديث منكرة.
علة أخرى
3 - وعلة أخرى: مطير بن أبي خالد.
أورده الإمام ابن أبي حاتم في كتابه: "الجرح والتعديل" (8 - 394 - 1805) وقال: "مطير بن أبي خالد روى عن أبي هريرة، وروى عنه ابنه موسى بن مطير، سألت أبي عنه فقال: متروك الحديث".
وأقره الذهبي في "الميزان" (4 - 129 - 8597).
وبهذا التحقيق تكون القصة باطلة واهية لما بها من كذابين ومتروكين، فموسى بن مطير كذاب وأبوه متروك.
رابعًا: الأثر السيئ للقصص الواهية على العقيدة
فاللجوء إلى الغار عند الشدائد وأن الأرزاق تأتي لمن لجأ إليه غدوة وعشيًا لم يفعله أحدٌ من الصحابة ولا التابعين، ومثل هذه القصص الواهية لها أثرها السيئ في شدِّ الرحال إلى هذه الأماكن والتعلق بها، ولقد حذَّر السلف الصالح من هذا، فقد أخرج الإمام أحمد في "المسند" (7 - 6) (ح23901) قال: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا شيبان، عن عبد الملك، عن عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام أنه قال: لقي أبو بصرة الغفاري أبا هريرة وهو جاءٍ من الطور فقال: من أين أقبلت؟ قال: من الطور صليت فيه، قال: أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلت، إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"، والحديث أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح.
خامسًا: اللجوء إلى الدعاء عند الكرب
¥