[فتوى اللجنة الدائمة في حكم عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي]
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[01 - 06 - 05, 12:07 ص]ـ
حكم عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي
فتوى رقم (22935) وتاريخ 14 - 3 - 1425ه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد:
فقد وردت إلى اللجنة الدائمة والإفتاء أسئلة كثيرة من عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي مثل شركة (بزناس)، وغيرها والتي يتلخص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج، على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء ليقنع هؤلاء آخرين أيضًا بالشراء وهكذا، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر تبلغ آلاف الريالات، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء، وهذا ما يسمى التسويق الهرمي أو الشبكي.
وأجابت اللجنة: أن هذا النوع من المعاملات محرَّم، وذلك أن مقصود المعاملة هو العمولات وليس المنتج، فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف، في حين لا يتجاوز ثمن المنتج بضع مئات، وكل عاقل إذا عرض عليه الأمران فسيختار العمولات، ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكيبرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك، وإغراءه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسير هو ثمن المنتج، فالمنتج الذي تسوقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح، لما كانت هذه هي حقيقة هذه المعاملة، فهي محرَّمة شرعًا لأمور:
أولاً: أنها تضمنت الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغًا قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرَّم بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركة للعميل ما هو إلا ستار للمبادلة، فهو غير مقصود للمشترك، فلا تأثير له في الحكم.
ثانيًا: أنها من الغرر المحرَّم شرعًا؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أو لا؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لابد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحًا، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسرًا؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه، فالغالب إذن هو الخسارة، وهذه حقيقة الغرر، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر، كما رواه مسلم في صحيحه.
ثالثًا: ما اشتملت عليه هذه المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس بالباطل؛ حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خدع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {النساء: 29}.
رابعًا: ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبًا، وهذا من الغش المحرَّم شرعًا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من غش فليس مني". رواه مسلم في صيحه وقال أيضًا: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما". متفق عليه.
وأما القول بأن هذا التعامل من السمسرة، فهذا غير صحيح، إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة، أما التسويق الشبكي فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المنتج، كما أن السمسرة مقصودها السلعة حقيقة، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العملات وليس المنتج، ولهذا فإن المشترك يُسوّق لمن يُسوِّق، هكذا بخلاف السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة، فالفرق بين الأمرين ظاهر.
وأما القول بأن العمولات من باب الهبة فليس بصحيح، ولو سلم فليس كل هبة جائزة شرعًا، فالهبة على القرض ربا، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي بردة، رضي الله عنه: "إنك في أرض الربا فيها فاش، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فإنه ربا". رواه البخاري في الصحيح، والهبة تأخذ حكم السبب الذي وجدت لأجله، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: "أفلا جلست في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا؟ " متفق عليه.
وهذه العمولات إنما وجدت لأجل الاشتراك في التسويق الشبكي، فمهما أعطيت من الأسماء سواء هدية أو هبة أو غير ذلك، فلا يغيِّر ذلك من حقيقتها وحكمها شيئًا.
ومما هو جدير بالذكر أن هناك شركات ظهرت في السوق سلكت في تعاملها مسلك التسويق الشبكي أو الهرمي، وحكمها لا يختلف عن الشركات السابق ذكرها، وإن اختلف عن بعضها فيما تعرضه من منتجات، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.