قاعدة مهمة في الرد على مُأولي الصفات
ـ[أحمد عبدالله السني]ــــــــ[01 - 06 - 05, 11:24 ص]ـ
قال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ - حفظة الله - في شرحه للعقيدة الطحاوية:
المسألة الخامسة والأخيرة:
قوله هنا: (لاَ كَأحَدٍ مِنَ الوَرَى)، يعني لا كأحدٍ من الخلق، فإنَّ غضب الإنسان يناسبه ورضا الإنسان يناسبه، وغضب الرب جلّ وعلا ورضاه ومحبة الرب جلّ وعلا وبُغْضُهُ سبحأنَّهُ وتعالى، وهكذا جميع الصفات هذا بما يليق بجلاله جلّ وعلا وعظمته.
فالصّفات تناسب الذات، صفات الإنسان تناسب ذاته الحقيرة الوضيعة -الحقيرة يعني لا باعتبار أنَّهُ مُكَرَّمْ، الحقيرة بإعتبار ضآلته وضعفه وحاجته، وإلا فهو مُكَرَّمْ -، صفة الإنسان تناسب ذاته الضعيفة الفقيرة المحتاجة، وصفة الرب جلّ وعلا تناسب ذاته الكاملة العَلَيَّة الجليلة الجميلة جلّ جلاله وتقدست أسماؤه.
فإذاً بين الصفة والصفة كما بين ا لذات والذات، فذات الرب جلّ وعلا لا يمكن أن تُقَارَنْ ذات المخلوق بها بأي شكل من الأشكال فكذلك صفاته جلّ وعلا لا يمكن أن تقارن صفات المخلوق بها.
إذا تَبَيَّنَ ذلك فإنَّهُ إذا أُطْلِقَ لفظ الصفة: غضب، رضا، محبة، إلخ ... فإنَّ بعض الناس يأتي في ذهنه معنىً للغضب، يأتي في ذهنه معنً للرضا، وذلك لأنَّ الإنسان لم يستقبل المعاني إلا لمَّا رأى المُسَمَّيَات.
يعني لم يفهم الشيء إلا لمَّا رأى صورةً أمامه جعلت المعنى يرتبط في ذهنه بهذه الصورة، وإلا في الحقيقة فإنَّ هناك ثلاثة أشياء في أبواب الصفات:
الشيء الأول: المعنى الكلي للصفة.
ما معنى المعنى الكلي؟
يعني غير المتعلق لا بالرب جلّ وعلا وغير المتعلق بالإنسان بالمخلوق، معنىً كلي.
هل في الحقيقة في الحياة، هل في الوجود هناك معنىً كُلِّيْ تراه يمشي أمامك؟
إنما المعاني الكلية من اللغة ودلالات الألفاظ من حيث المعنى هذه إنما موجودة في الذهن للتَّصَوُّرْ.
هذا التَّصَوُّرْ لا يُدركه كل أحد لأنَّ جمهور الخلق إنما يتَصَوَّرُونَ من المعاني بعد رؤية الصّور التي تدلهم عليها.
فلا يتصور شيئاً لم يره؛ لأنَّهُ لا يمكن أن يتصور شيء، قدرته ما تستوعبه.
لهذا نأتي هنا إلى:
الشيء الثاني وهو الصفة، أو هذا المعنى الكلي المضاف إلى الله جلّ جلاله.
الحالة الثالثة: المعنى الكلي المضاف إلى المخلوق المُعَيَّن.
فإذا أُضيف المعنى الكلي إلى المخلوق فإنَّهُ في الحقيقة لا يبقى كليَّاً وإنما لابد أن يتخصص بشيء.
يَدُلُّ عليه أنك ترى في السمع مثلاً فإنَّ البعوضة لها سمع وبصر، والإنسان له سمع وبصر، هل نقول هنا:
السمع والبصر هو كلي في الإنسان وفي البعوضة؟
لا، وإنما هو كُلِّيْ من جهة فهمك لمعنى السمع ومعنى البصر.
فإذا كان عندك قدرة لاستيعاب المعاني الكلية دون تأثيرٍ لما ترى وما تسمع للمعاني والقواعد التي في ذهنك، فإنَّهُ يمكن أن تتصور المعاني الكلية، وإلا فإنَّهُ في الخارج، في الواقع، في الحياة، لا يوجد إلا مخصص.
تقول: سمع الإنسان وبصر الإنسان، سمع المخلوق، سمع البعوض وبصر البعوض، سمع الفيل وبصر الفيل، سمع الوطواط وبصر الوطواط، وهكذا ...
الغضب والرضا، المولود الذي وُلِدَ أليس عنده أساس من الرضا والغضب؟
يرضى عن والديه فيفرح ويبتسم، ويغضب فيُعَبِّرْ بطريقةٍ أخرى.
هل تعبير الطفل في غضبه ورضاه هوكتعبير أبيه في غضبه ورضاه؟
لا، بل الإنسان في نفسه لما كان طفلا فإنَّهُ يُعَبِّرُ عن غضبه ورضاه بشيء، وإذا صار شاباً يُعَبِّرُ عن غضبه ورضاه بشيء، وإذا صار كهلاً وشيخاً فإنَّهُ يُعَبِّرُ عن رضاه وغضبه بشيء.
وهذا يدلّك على أنَّ هذه المعاني لا يمكن أن تُنْفَى عن الله جلّ وعلا وهذه الصفات بإعتبار النظر للمخلوق، لأنَّهُ أصلاً المخلوقات تختلف في حياتها وتختلف في آثار الغضب والرضا، وكيف يغضب ومتى يغضب وإلخ ...
فإذا كان المخلوق يختلف فالله جلّ وعلا له المثل الأعلى والصفات العليا.
وهذه قاعدة مهمة تستمسك بها في الرد على المتأولين للصفات والخائضين في عموم الغيبيات، فاستمسك بها وادرسها شيئاً فشيئاً فإنَّهُا مهمة.
لهذا نقول: إنَّ الذين يقولون الغضب والرضا هو الإرادة نَفَوا الصفة ونَفْيُهُمْ لهذه الصفة لأجل اتصاف المخلوق بها، فإنَّ هذا تَعَدٍّ على النص، وأيضاً جَهْلْ بالعقليات على الحقيقة.