تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا ما ذكره في كتابه المشهور بأبكار الأفكار المصنف في الكلام وليس في هذا تعرض لإبطال علل ومعلولات ممكنة مجتمعة لا نهاية لها ولكن فيه إثبات واجب الوجود خارجا عنها وقد ذهب طائفة من أهل الكلام كأصحاب معمر إلى إثبات معان لانهاية لها مجتمعة وهي الخلق وهي شرط في الحدوث

ثم إنه في كتابه المسمى بدقائق الحقائق في الفلسفة ذكر هذه الحجة وزاد فيها إبطال إثبات علل ومعلولات لا نهاية لها ولكنه اعتراض عليها باعتراض وذكر أنه لا جواب له عنه فبقيت حجته على إثبات واجب الوجود موقوفة على هذا الجواب

فقال بعد أن ذكر ما ذكره هنا الجملة إما أن تكون باعتبار ذاتها واجبة أو ممكنة إذا كانت الآحاد ممكنة ومعناه افتقار كل واحد إلى علته وكانت الجملة هي مجموع الآحاد فلا مانع من إطلاق الوجوب وعدم الإمكان عليها بمعنى أنها غير مفتقرة إلى أمر خارج عن ذاتها وإن كانت أبعاضها مما يفتقر بعضها إلى بعض فتوهم ساقط فإنه إذا قيل إن الجملة غير ممكنة فقد بينا في المنطقيات أن كل ما ليس بممكن بالمعنى الخاص فإما واجب بذاته وإما ممتنع لا جائز أن يقال بالامتناع وإلا لما كانت موجودة بقي أن تكون واجبة بذاتها وإذا كانت الجملة هي مجموع آحادها وكل واحد من الآحاد ممكن فالجملة أيضا ممكنة بذاتها والواجب باعتبار ذاته يستحيل أن يكون ممكنا باعتبار ذاته وإن كانت ممكنة فلا بد لها من مرجح لضرورة كونها موجودة والمرجح فإما أن يكون ممكنا أو واجبا لا جائز أن يكون ممكنا إذ هو من الجملة ثم يلزم أن يكون مرجحا لنفسه لكونه مرجحا للجملة والمرجح للجملة مرجح لآحادها وهو من آحادها وذلك محال ثم يلزم أن يكون علة علته وهو دور ممتنع وإن كان واجبا لذاته غير مفتقر إلى علة في وجوده فإما أن يكون علة للجملة أو لبعضها فإن كان علة للجملة لزم أن يكون علة لكل واحد من آحادها إذ الجملة هي مجموع الآحاد وهو محال من جهة إفضائه إلى كون كل واحد من آحاد الجملة المفروضة معللا بعلتين وهي العلة الواجبة الوجود وما قيل إنه علة له من آحاد الجملة وإن كان علة لبعض منها لا يكون معلولا لغيره فهو خلاف الفرض

وهذه المحالات إنما لزمت من القول بعدم النهاية فهو محال كيف وكل علل ومعلولات قيل باستنادها إلى علة لا علة لها فالقول بكونها غير متناهية محال وجمع بين متناقضين وهو القول بأن ما من علة إلا ولها علة والقول بانتهاء العلل والمعلولات إلى علة لا علة لها

فإذا قد اتضح بما مهدنا امتناع كون العلل والمعلولات غير متناهية وإن القول بان لا نهاية لها محال

ثم قال: ولقائل أن يقول: إثبات الجملة لما لا يتناهى وإن كان غير مسلم لكن ما المانع من كون الجملة ممكنة الوجود ويكون ترجحها بترجح آحادها وترجح آحادها كل واحد بالآخر إلى غير النهاية على ما قيل

قال: وهذا إشكال مشكل وربما يكون عند غيري حله

قلت: فهذا استدلاله على واجب الوجود لم يذكر في كتبه غيره وأما حدوث العالم فأبطل طرق الناس وبناه على أن الجسم لا يخلو من الأعراض الحادثة إذ العرض لا يبقى زمانين واستدل على امتناع حوادث لا أول لها بعد ان أبطل وجوه غيره بالوجه الذي تقدم وتقدم ما فيه من الضعف الذي بينه الأرموي وغيره ثم إذا ثبت حدوث العالم فإنه لم يستدل بالحدوث على المحدث إلا بطريقة الذين بنوا ذلك على الإمكان وهو ان ذلك يتضمن التخصيص المفتقر إلى مخصص لأنه ترجيح لأحد طرفي الممكن فهو لا يستدل بالحدوث على المحدث إلا بناء على أن ذلك ممكن يفتقر إلى واجب ولا يجعل الممكن دالا على الواجب إلا بناء على نفي التسلسل والتسلسل قد أورد عليه السؤال الذي قال إنه لا جواب له عنه

وكل هذه المقدمات التي ذكرها لا يفتقر إثبات الصانع إليها وبتقدير افتقاره إليها فأبطال التسلسل ممكن فتتم تلك المقدمات وذلك أن إثبات الصانع لا يفتقر إلى حدوث الأجسام كما تقدم بل نفس ما يشهد حدوثه من الحوادث يغنى عن ذلك والعلم بأن الحادث يفتقر إلى المحدث هو من أبين العلوم الضرورية وهو أبين من افتقار الممكن إلى المرجح فلا يحتاج أن يقرر ذلك بان الحدوث ممكن أو أنه كان يمكن حدوثه على غير ذلك الوجه فتخصيصه بوجه دون وجه ممكن جائز الطرفين فيحتاج إلى مرجح مخصص بأحدهما

وهذه الطريقة يسلكها من متأخري أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية ومن وافقهم على ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير