[الضوابط الشرعية لبناء البيوت وتأثيثها]
ـ[أبوفلاح البرازي]ــــــــ[02 - 06 - 05, 09:56 ص]ـ
نظرا لأهمية موضوع البناء والمساكن فقد أعجبني هذا المقال الذي أحببت نشره تعميما للفائدة كما أرجو من الأخوة ممن لديهم فوائد وروابط متعلقة بالموضوع وما يتصل به من أحكام الجوار والإرتفاق والتأجير للمساكن وضعه لتتم به الفائدة المرجوة من تيسير ذالك على القراء
[الضوابط الشرعية لبناء البيوت وتأثيثها]
بقلم: عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
لقد امتن الله سبحانه وتعالى على عباده بتيسيره لهم سبل البناء، ومن ذلك: ما اشتهر به قوم صالح، وما وصلوا إليه من إتقان لبناء البيوت نحتاً في الجبال، وتشييداً للقصور في السهول، قال تعالى: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين (82) {الحجر: 82}، وقال سبحانه: وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين 149 {الشعراء: 149}، وقال جلا وعلا: تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا 74 {الأعراف: 74}. وفي معرض ذكر امتنانه على جميع الخلق بذكر كبريات النعم يقول تعالى: والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى" حين 80 {النحل: 80}.
ومن أهم مقاصد البيوت: أنها ستر على أهلها، فمنع الشارع الحكيم كل ما يخرق هذه الخصوصية، وأمر بكل ما يكملها ويقويها؛ فأمر بالاستئذان قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى" تستأنسوا وتسلموا على" أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون 27 {النور: 27}، ونهى عن التجسس، فقال سبحانه: ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم 12 {الحجرات: 12}.
ومن الإشارات القرآنية إلى تقوية أسس البناء يقول تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم 127 {البقرة: 127}، وفي الإشارة إلى ضعف الأبنية التي أسست على ضعيف من الأرض يقول تعالى: أفمن أسس بنيانه على" تقوى" من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على" شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين 109 {التوبة: 109}، كما أن استقامة البناء أطول لعمره، وأقوى له؛ فإن ميلانه يؤدي به إلى الانهيار، قال تعالى: فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا 77 {الكهف: 77} فإذا عدل الميلان بشكل مدروس فإن عمره سيطول.
وقد جعل النبي {من أسس السعادة: سعة البيت، وكثرة مرافقه، فعن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله {: "ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، ومن الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوفاً، فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقة قليلة المرافق" (1).
ولكننا نجد أن الكثير من المسلمين غرقوا في المظاهر البراقة من التكلف في البناء بما لا فائدة فيه إلا المظاهر والتفاخر والتنافس، فغرقوا في الديون لأجل ذلك، وقد اختلف العلماء في حكم التوسع في البناء، والتطاول فيه، وزخرفته على ثلاثة أقوال (2).
القول الأول: تحريم البناء بما يزيد عن الحاجة، وأدلتهم ما يلي:
1 - قوله تعالى: أتبنون بكل ريع آية تعبثون 128 وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون 129 {الشعراء: 128، 129}، وجه الدلالة أن الله عابهم ببناء القصور المرتفعة بدون الحاجة وإنما للفخر (3).
2 - قوله تعالى: ولا تبذر تبذيرا 26 إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا 27 {الإسراء: 26، 27}، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "إن الإسراف في المباحات محرم" (4).
3 - قوله تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين 31 {الأعراف: 31}.
4 - حديث جبريل الطويل وفيه: "وما أماراتها؟ فقال {: أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان" (5). وجه الدلالة أنه ذكرهم بالتطاول على وجه الذم، فاقتضى ذم من يعمل عملهم.
¥