تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عن إمساك الخمر لاتخاذها خلاً، فقد روى مسلم وغيره عن أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه قال:" سئل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن الخمر تتخذ خلاً، فقال: لا " وفي رواية:" أن أبا طلحة سأل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن أيتام ورثوا خمراً، قال: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلاً، قال: لا " وثبت هذا عن عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وغيره وقيل إنه إجماع من الصحابة-أي النهي عن تخليل الخمر -.

بل ذهب كثير من الفقهاء إلى أن المسلم لو أمسك الخمر واتخذها خلاً فإن هذا الخل لا يباح وحكمه حكم الخمر في الحرمة والنجاسة، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "واتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت بفعل الله بدون قصد صاحبها وصارت خلاً أنها تطهر، ولهم فيها إذا قصد التخليل نزاع و تفصيل،والصحيح أنه إذا قصد تخليلها لاتطهر بحال كما ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لما صح من نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن تخليلها و لأن حبسها معصية، والطهارة نعمة، والمعصية لا تكون سبباً للنعمة"اهـ.

وتخليل الخمر يكون بوضع بعض الخل أو الملح ونحوهما عليها فتستحيل كلها خلاً، والخل مباح بالنص والإجماع.

فإذا كان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد نهى عن إمساك الخمر لتحويلها إلى مباح –وهو الخل- ولم يأذن بذلك حتى لو كان هذا الخمر ليتامى،فإن هذا يدل على أن إمساكها مع بقاء عينها والتعطر منها والتزين بها منهي عنه بقياس الأولى وهذا واضح جداً لا يحتاج إلى تأمل.

الدليل الخامس

أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر بإراقة الخمر ونهى عن إمساكه مطلقاً، فمن ذلك حديث أنس السابق في الخمر الذي ورثه اليتامى ففي رواية للترمذي وغيره أنه قال له:" أهرق الخمر، واكسر الدنان "، وما رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن أبي سعيد الخدري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال:" كان عندنا خمر ليتيم فلما نزلت المائدة سألت الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقلت: إنه ليتيم، فقال: أهريقوه "، ويدل عليه أيضاً فعل الصحابة رضي الله عنهم الثابت في الصحاح لما بلغهم تحريم الخمر عمدوا إلى خمورهم فأراقوها حتى جرت في سكك المدينة، وما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رجلاً أهدى لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - راوية خمر فقال له الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:هل علمت أن الله حرمها؟ قال: لا، قال:فسار رجلاً، فقال له الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بم ساررته؟ قال: أمرته ببيعها، فقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها، قال: ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها " وغير ذلك من الأحاديث، وكلها تدل على وجوب إراقة الخمر وعدم إمساكه، وكل هذه الأحاديث تدل على أن إبقاء الخمر حتى مع عدم شربها – كهذه العطورات- لا يجوز، بل الواجب هو إراقتها.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "ولو كان إلى استصلاحها سبيل لم تجز إراقتها بل أرشدهم إليه، سيما وهي لأيتام –يعني حديثي أنس وأبي سعيد السابقين- يحرم التفريط في أموالهم"اهـ.

وقال القرطبي رحمه الله تعالى –عن تخليل الخمر-: "ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخمر لا يجوز تخليلها لأحد، ولو جاز تخليلها ما كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليدع الرجل أن يفتح المزادة حتى يذهب ما فيها لأن الخل مال وقد نهى عن إضاعة المال، ولا يقول أحد فيمن أراق خمراً على مسلم أنه أتلف مالاً وقد أراق عثمان بن أبي العاص خمراً ليتيم"اهـ.

الدليل السادس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير