ـ[السدوسي]ــــــــ[13 - 10 - 05, 09:08 ص]ـ
أيها الأئمة احذروا الاعتداء في الدعاء
للشيخ محمد الفيفي
إن مما لا شك فيه أن (الدعاء هو العبادة) كما صح بذلك الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه (صحيح الجامع3407). ومادام ان الدعاء عبادة فإنه يشترط لقبوله شرطان، الأول: الاخلاص، فلا يدعو العبد إلا وهو يبتغي وجه الله لا رياءً ولا سمعةً، والثاني: المتابعة: أي يقتفي فيه طريقة وهدي محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين فإن العمل يكون باطلا مردوداً على صاحبه كائنا من كان؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت: قال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ولمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)،. وقال شيخ الاسلام في الفتاوى 15/ 24:" وقوله تعالى (إنه لا يحب المعتدين) عقيب قوله (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) دليل على أن من لم يدعه تضرعا وخفية فهو من المعتدين الذين لا يحبهم.ا. هـ
ولاشك أنه مما ينبغي للعبد أن يتفطن له هو مايتقرب به الى الله من الطاعات وخاصة الدعاء الذي نحن بصدد الكلام عليه هل وافق فيها مراد الله وتابع فيها رسول الله؟ فإن كان كذلك فليحمد الله وليسأله المزيد، وان كان غير ذلك فليتدارك ما بقي من عمره وليصحح ما أفسد من عمله قبل ألا ينفع الندم.
ألا وإن مما ابتليت به الأمة في بعض الأمصار من محدثات في طريقة الدعاء أو في ألفاظ الأدعية حتى رأينا وسمعنا ألوانا منها صعب علينا إحصاؤها فضلا عن إنكارها، وربما توارثها الناس جيلا بعد جيل الى أن استقر الأمر عند بعضهم أنها من السنة وهي ليست كذلك، فإذا تُركِت قال: تُركت السنة، قال ابن مسعود رضي الله عنه " كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غيرت قالوا: غيرت السنة قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: " إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة [وتفقه لغير الدين] ". رواه الدرامي (1/ 64) والحاكم (4/ 514 - 515) بسند صحيح
فمن تلك الأمور المحدثة:
** أولا: التغني بالدعاء والتطريب والتلحين وهو أمر محدث ويدل لذلك:
1ـ أن الأصل في العبادات المنع والتوقف لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري، فليس المنع مقتصراً على أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ووقتها وعددها وزمنها ومكانها وهيئتها، ولا دليل على صفة التغني بالقنوت فكيف نتعبد الله بما لم يشرع لنا، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ونقل إلينا.
2ـ إن الأمر بالتغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن لما روى البخاري في صحيحة عن أبي هريرة (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) فلم يقل: تغن بالدعاء، وإنما بالقرآن، وقال عليه الصلاة والسلام (زينوا القرآن بأصواتكم) ولم يقل: زينوا الدعاء ...
3ـ ذكر شيخ الاسلام أن إدخال الألحان في الصلوات هي من طريقة النصارى حيث قال في الفتاوى 28/ 611: (وكذلك ادخال الألحان في الصلوات لم يأمر بها المسيح ولا الحواريون) ا. هـ وخير شاهد على هذا في العصر الحاضر ما تبثه بعض القنوات والإذاعات من الأدعية البدعية و الابتهالات الملحنة.
4ـ أنك لو سألت الخطيب على المنبر هل تتغنى بالدعاء؟ لقال: لا، ولو سألت المصلي هل يتغنى بالدعاء في سجوده؟ لقال: لا، ولو سألت المصلي الذي في المسجد ينتظر الصلاة: هل تتغنى بالدعاء؟ لقال: لا، إذاً فما الذي خص دعاء القنوت بهذا التغني والتلحين والترتيل الذي نسمعه اليوم دون بقية الحالات؟؟ فإن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات. (مذكرة التغني بالقنوت /ماهر القحطاني،بتصرف)
¥