ذكر الحافظ ابن رجب في كتابه ((نزهة الأسماع في مسألة السماع)) ص40 بعد أن ذكر حديث المعازف: ((هكذا ذكره البخاري في ((صحيحيه)) بصيغة التعليق المجزوم به، و الأقرب أنه مسند، فإن هشام بن عمار أحد شيوخ البخاري، و قد قيل: إن البخاري إذا قال في ((صحيحه)): قال فلان، و لم يصرح بروايته عنه، و كان قد سمع منه، فإنه يكون قد أخذه عنه عرضا، أو مناولة، أو مذاكرة، و هذا كله لا يخرجه عن أن يكون مسندا، والله أعلم)). و هناك وجه آخر ذكره النووي رحمه الله في كتابه ((إرشاد طلاب الحقائق)) ((1/ 196)) حيث قال: ((و الحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح، و البخاري قد يفعل ذلك لكون الحديث معروفا من جهة الثقات عن من علقه عنه…)).
الأخ الفاضل: أين قرر الحافظ ابن حجر أن سبب تعليق البخاري عن شيوخه هو نزول الحديث عن شرط البخاري. و على كل حال، لعلي أجمع لك بعض كلام أهل العلم في سبب تعليق البخاري عن شيوخه.
و جزاك الله خيرا.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 09 - 02, 07:52 ص]ـ
في الفتح
(من جهة أن البخاري أورده قائلا " قال هشام بن عمار " وساقه بإسناده , فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابا عن الاحتجاج به على تحريم المعازف , وأخطأ في ذلك من وجوه , والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح , والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا , وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع ا ه. ولفظ ابن حزم في " المحلى ": ولم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد. وحكى ابن الصلاح في موضع آخر أن الذي يقول البخاري فيه قال فلان ويسمي شيخا من شيوخه يكون من قبيل الإسناد المعنعن , وحكي عن بعض الحفاظ أنه يفعل ذلك فيما يتحمله عن شيخه مذاكرة , وعن بعضهم أنه فيما يرويه مناولة. وقد تعقب شيخنا الحافظ أبو الفضل كلام ابن الصلاح بأنه وجد في الصحيح عدة أحاديث يرويها البخاري عن بعض شيوخه قائلا قال فلان ويوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبين ذلك الشيخ. قلت: الذي يورده البخاري من ذلك على أنحاء: منها ما يصرح فيه بالسماع عن ذلك الشيخ بعينه إما في نفس الصحيح وإما خارجه , والسبب في الأول إما أن يكون أعاده في عدة أبواب وضاق عليه مخرجه فتصرف فيه حتى لا يعيده على صورة واحدة في مكانين , وفي الثاني أن لا يكون على شرطه إما لقصور في بعض رواته وإما لكونه موقوفا , ومنها ما يورده بواسطة عن ذلك الشيخ والسبب فيه كالأول , لكنه في غالب هذا لا يكون مكثرا عن ذلك الشيخ , ومنها ما لا يورده في مكان آخر من الصحيح مثل حديث الباب , فهذا مما كان أشكل أمره علي , والذي يظهر لي الآن أنه لقصور في سياقه , وهو هنا تردد هشام في اسم الصحابي , وسيأتي من كلامه ما يشير إلى ذلك حيث يقول: إن المحفوظ أنه عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك , وساقه في " التاريخ " من رواية مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم كذلك , وقد أشار المهلب إلى شيء من ذلك. وأما كونه سمعه من هشام بلا واسطة وبواسطة فلا أثر له , لأنه لا يجزم إلا بما يصلح للقبول , ولا سيما حيث يسوقه مساق الاحتجاج. وأما قول ابن الصلاح أن الذي يورده بصيغة " قال " حكمه حكم الإسناد المعنعن , والعنعنة من غير المدلس محمولة على الاتصال , وليس البخاري مدلسا , فيكون متصلا , فهو بحث وافقه عليه ابن منده والتزمه فقال: أخرج البخاري " قال " وهو تدليس , وتعقبه شيخنا بأن أحدا لم يصف البخاري بالتدليس , والذي يظهر لي أن مراد ابن منده أن صورته صورة التدليس لأنه يورده بالصيغة المحتملة ويوجد بينه وبينه واسطة وهذا هو التدليس بعينه , لكن الشأن في تسليم أن هذه الصيغة من غير المدلس لها حكم العنعنة فقد قال الخطيب: وهو المرجوع إليه في الفن أن " قال " لا تحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه يأتي بها في موضع السماع , مثل حجاج بن محمد الأعور , فعلى هذا ففارقت العنعنة فلا تعطى حكمها ولا يترتب عليه أثرها من التدليس ولا سيما ممن عرف من عادته أن يوردها لغرض غير التدليس , وقد تقرر عند الحفاظ أن الذي يأتي به البخاري من التعاليق كلها بصيغة الجزم يكون صحيحا إلى من علق عنه ولو لم يكن من شيوخه , لكن إذا وجد الحديث المعلق من رواية بعض الحفاظ موصولا إلى من علقه بشرط الصحة أزال الإشكال , ولهذا عنيت في ابتداء الأمر بهذا النوع وصنفت كتاب " تعليق التعليق ". وقد ذكر شيخنا في شرح الترمذي وفي كلامه على علوم الحديث أن حديث هشام بن عمار جاء عنه موصولا في " مستخرج الإسماعيلي " قال حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا هشام بن عمار , وأخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " فقال حدثنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد حدثنا هشام بن عمار , قال وأخرجه أبو داود في سننه فقال حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بسنده انتهى. وننبه فيه على موضعين:
أحدهما: أن الطبراني أخرج الحديث في معجمه الكبير عن موسى بن سهل الجويني وعن جعفر بن محمد الفريابي كلاهما عن هشام , والمعجم الكبير أشهر من مسند الشاميين فعزوه إليه أولى , وأيضا فقد أخرجه أبو نعيم في مستخرجه على البخاري من رواية عبدان بن محمد المروزي ومن رواية أبي بكر الباغندي كلاهما عن هشام , وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسين بن عبد الله القطان عن هشام.
ثانيهما: قوله: إن أبا داود أخرجه يوهم أنه عند أبي داود باللفظ الذي وقع فيه النزاع وهو المعازف , وليس كذلك بل لم يذكر فيه الخمر الذي وقعت ترجمة البخاري لأجله فإن لفظه عند أبي داود بالسند المذكور إلى عبد الرحمن بن يزيد " حدثنا عطية بن قيس سمعت عبد الرحمن بن غنم الأشعري يقول حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني أنه سمع رسول الله يقول: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر - وذكر كلاما قال - يمسخ منهم قردة وخنازير إلى يوم القيامة " نعم ساق الإسماعيلي الحديث من هذا الوجه من رواية دحيم عن بشر بن بكر بهذا الإسناد فقال: " يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " الحديث)
¥