تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3_ ونقل القاضي حامد عن الأستاذ أشرف مصطفى كمال الذي كان يعمل في ذلك الوقت وكيلاً أولاً لنيابة القاهرة للأحوال الشخصية أنه دعا في مقال له نشر في جريدة الأهرام بتاريخ 1/ 11/1985 إلى منع إبرام عقود الزواج العرفي بين المواطنين، والنص على بطلان هذا العقد، وعدم الاعتداد بأي آثار قانونية له.

وقد رفض القاضي حامد هذين الرأيين؛ لأن فرض الغرامة هو بمثابة قيد على الزواج، وقد كانت القيود المفروضة على الزواج هي أهم الأسباب التي أدت إلى الزواج العرفي وسببت انتشاره، فيكون الأخذ بهذا الرأي هو من باب قول القائل وداوني بالتي كانت هي الداء.

ورفض أيضاً القاضي الاقتراح الثاني لأنه مخالف للشريعة الإسلامية، فلم يقل أحد من أهل العلم ببطلان مثل هذا الزواج الذي اكتملت شروطه وأركانه.

ولكن الشيخ حامد لم يأت باقتراح لحل هذا المشكل، والذي يراه الباحث هو إزالة الأسباب التي أوجدته، خاصة تلك الأسباب التي أوجدتها قوانين الأحوال الشخصية، وهي مخالفته لنظام الزواج الذي جاءت بها الشريعة الإسلامية، خاصة أن مثل هذه التحديدات التي وضعتها قوانين الأحوال الشخصية ستسهم في تعقيد الأمور بدلاً من حلها، على أن قضية التوعية الدينية هي الحل الأمثل في نظري لضمان عدم ظلم الناس بعضهم بعضاً في حالة إقدامهم على الزواج العرفي لسبب من الأسباب.

...

المطلب السابع

الآثار الاجتماعية للزواج العرفي

كان من المفروض أن لا ينتج عن هذا العقد آثار سيئة، لأنه _كما أسلفنا _ زواج شرعي، لا يختلف عن الزواج الذي كان يجري عليه العمل في ديار الإسلام، ولكن الواقع يدل على أنه أحدث آثاراً سيئة، ومرد هذه الآثار السيئة أمران:

الأول: الإشكالات القديمة التي صاحبت عقود الزواج التي لم تكن توثق، فكل واحد من الزوجين كان يمكنه أن ينتفي من الزوج الآخر، كما يستطيع أن ينفي الأولاد، وقد يموت الشهود، أو ينسون أو يتراجعون عن الشهادة، فلا يستطيع الزوج المطالب بإثبات الزوجية أن يثبت العقد بطريقة من طرائق الإثبات.

والثاني: السرية التي تصاحب عقد الزواج العرفي، فالأصل في الزواج الإعلان والإشهار، والأصل في الزواج العرفي الإسرار والكتمان، لأسباب أوردتها في الحالات التي دعت لإيجاده، والزواج في السر يضيع كثيراً من الحقوق، وخاصة حقوق الزوجة والأولاد، وقد لا تستطيع المرأة أن ترفع الأمر إلى القضاء، لأن القضاء يعاقب الذي يتزوج بهذه الطريقة، وقد يرفض القانون سماع الدعوى في القضايا التي تأتي من هذا النوع.

واليوم تتحدث وسائل الإعلام عن الآثار الخطيرة التي يحدثها الزواج العرفي في المجتمعات الإسلامية التي ينتشر فيها، كما تروي في هذا المجال حوادث ووقائع سببت مآسي واسعة النطاق. فالمرأة التي تتزوج زواجاً عرفياً من غير عقد رسمي موثق عرضة لضياع حقوقها من مؤخر المهر والنفقة والميراث، وقد يضيع نسب أولادها، كما يضيع حقهم في الميراث والنفقة؛ فالزوج قد ينكر الزواج، وينتفي من زوجته وأولاده، وقد يموت ولا تجد ما يثبت لها حقها.

وقد قرر الدكتور مصطفى عبد الرزاق الخبير بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر أن الزواج العرفي أصبح ظاهرة منتشرة بين المراهقين، وهي ظاهرة اجتماعية خطيرة، لأنه لا توجد ضوابط تحكم هذا الزواج، وقد قرر الدكتور مصطفى أن الزواج العرفي انتشر بين طلبة الجامعات والمدارس الثانوية. ويذكر مراسل جريدة الأسواق من القاهرة حسن عامر أن العقد يتم بين الطالب والطالبة بأن تقول الطالبة: زوجتك نفسي على سنة الله ورسوله، فيقول الزوج: وأنا قبلت. ويذكر الدكتور مصطفى في مقابلة مندوب جريدة الأسواق معه أن زميلاً للزوجين يقوم بكتابة ورقة تقول إن هذين الطالبين أصبحا متزوجين، ويدوّن الزوج في نهاية الورقة أرقام بطاقاتهم الشخصية وشهادة اثنين عليها. ويذكر الدكتور مصطفى أن الإحصاءات أوضحت أن طلبة الجامعة وطالباتها هم الفئة الأولى التي تتجه إلى مثل هذا النوع من الزواج.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير