وهذا الإلزام أخي الحبيب قد ألزم به أئمة الدعوة من يقول بعدم كفر من ارتكب الكفر الأكبر بعذر سوى الإكراة الآتي ذكره.
الرابع: أن أئمة الدعوة رضوان الله تعالى عليهم قد انفصلوا على أمر وهو أن الشرك الأكبر لا يعذر فيه إلا بأمر واحد فقط وهو الإكراه بشرط عدم الإطمئنان القلبي واستدلوا على ذلك بقول الرب تقدس وتعالى من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم.
ومن المعلوم أن أعداء الله تعالى من الكفار والمشركين والملاحدة ليسوا كلهم من أهل العلم والفهم بل فيهم المقلدة والعبيد ومن ليس لهم فهم وعقل وزنة راجحة للأمور ومع ذلك حكم الله تعالى عليهم بكل أصنافهم بالكفر والشرك ووجوب المقاتلة والقتل بل وحكم عليهم بالخلود في نار الجحيم، ولا يستثنى من التعذيب إلا من تلبس بكفر من المسلمين فيحكم عليه بالكفر ويقاتل إن لم يرتدع عن كفره وأما التعذيب فإلى الله تعالى لا ندخل فيه وهذا هو قول الله تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً.
وأعداء الدعوة السلفية السنية إبان حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانوا متبعون لعلماء وشيوخ دين سواء في أرض الحجاز أو في أرض الشام أو مصر ممن ردوا على الشيخ وألبوا عليه السلطان والجيوش، بل وكان جيش إبراهيم بن محمد علي الذي غزا أرض الحجاز أرض التوحيد وقتها كانوا يقاتلون الشيخ على أنه من الخوارج الواجب قتالهم بفتاوى العلماء والكبراء.
ومع ذلك ما تردد علماء الدعوة وقتها ولا أحفاد الشيخ عن مقاتلتهم وقتلهم وجهادهم وعدوا من مات من عسكر الدعوة في سبيل الله تعالى، ومن قتل من الفرقة الثانية من البغاة بل منهم من أطلق عليهم لفظ المشركين وراجع في ذلك سيرة الشيخ ودعوته.
الخامس: قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رضي الله عنه في نواقض الإسلام العشرة:
الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به.
وللعلماء رحمهم الله تعالى في تفسير الإعراض عبارات كثيرة منها عدم تعلم علم العقائد وما ينجو به العبد من النار، ولا يريد أن يتعلمه، وإذا علمه لا يعمل به.
فهذا الذي دُلس عليه دينه من علماء السوء هو في الواقع معرض عن دين الله تعالى فلم يتعلمه ولم يعمل به وإلا فكيف يدلس عليه في عقيدته إلا إذا كان في واد وعقيدته في واد آخر.
السادس: وهذا أمر هام جدا أخي الحبيب وهي قاعدة في الإستدلال لابد من بيانها:
ما اعتبره العلماء في الإستدلال فاعتبره، وما أهدروه فأهدره وإن ظهر لك أنه معتبر فإنهم ما أهدروه إلا وهو مهدر غير معتبر.
فمثلا لو وجدت شيخا من الشيوخ يقول إن هذا الدليل الذي استدل به غفل عنه جميع من سبقه من العلماء فاعلم أن هذا برهان الخطأ في الإستدلال من الشيخ فلم يكن الله تعالى ليكتم عنهم هذا الشيء والناس محتاجة إليه في دينها ودنياها حتى يعلمه شيخ من المعاصرين.
وأقول لك ذلك لأن كثيرا مما يشكل على تلك القضية بالذات من هذا الباب وهي افتراضات وإشكالات لم نرها عند العلماء الأوائل بل وكثير منها تجدها عند بعض الفرق ويضادون بها أهل السنة ومن يحتج بها لا يدري أو يدري لكنه يظن أنها تصلح للدلالة في هذا الباب.
فإذا رأيت العلماء رحمهم الله تعالى لم يعتبروا مسألة تدليس علماء السوء على الناس في مسألة الجهل في مسائل الكفر الأكبر فلا تعتبره، فإنهم ما كانوا غافلين عن هذا الإشكال بل كانوا عالمين به فاهمين له ومع ذلك لم يعتبروه.
أسأل الله عز وجل أن أكون قد فهمت عنكم أخي الحبيب هذه المرة وأن لا أكون أطلت عليك، واعذرني عن المدارسة الفائتة حيث لم أفهم عنكم وجزاكم الله تعالى خير الجزاء وبارك فيكم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 05, 12:51 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم
لكن هب أن أمرا كفريا لم ينتشر العلم بأنه كفر بين الناس بسبب علماء السؤء مثلا وغير ذلك , والشخص يفعل هذا الفعل معتقدا حرمته فقط أو كراهته ولا يعلم أنه كفر فهل يكفر عينا؟
بمعنى هل جهل العاقبة هنا معتبر أم لا؟
أرجو ان تكون فهمت مقصدي
لقد خفي عن المنافقين العائدين من غزوة تبوك أن الاستهزاء بالدين كفر. ومع ذلك فقد كفروا بعد إيمانهم.
فطالما أنك تعرف أن هذا الشيء حرام، فأنت مؤاخذ به بغض النظر عن مدى معرفتك بشدة العقوبة.
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ} (65) سورة التوبة
فعلى سبيل المثال من يسب الله تعالى (والعياذ بالله) فلا بد أنه يعرف أن ذلك حرام لا يرض به الله، وهذا لا يجهله أحد من الناس مهما بلغ من الجهل. لكن قد يظن أن سب الرب ليس بكفر، وجهله لا ينقذه من العقوبة.
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[19 - 06 - 05, 02:17 م]ـ
جزاك الله تعالى خيرا فضيلة الشيخ الأمين
¥